0
فيما تقترب الحكومة مبدئياً من اعلان خيارها النهائي الحاسم في شأن ملف استحقاق ‏‏"الاوروبوند" والذي سيكشفه رئيس الوزراء حسان دياب السبت اذا لم يطرأ ما يبدل هذا ‏الموعد، بدا أمس ان تداعيات الازمة المالية برمتها عادت لتثقل بقوة على مجمل المشهد ‏الداخلي، علماً ان البلاد لم تشهد أي سابقة من حيث مناخ مأزوم ومشدود كهذا في ظل ‏سياق خيالي بين تداعيات الازمة المالية وازمة فيروس كورونا. 
وقد ثبت ما أوردته "النهار" ‏أمس من ان الاتجاه الحكومي الغالب لا يزال عدم تسديد قيمة سندات استحقاق 9 آذار ‏البالغ ملياراً و200 مليون دولار واطلاق مفاوضات مع حملة السندات المحليين والخارجيين ‏لاعادة برمجة الاستحقاقات، بينما أظهرت المعلومات المتوافرة عن الاجتماعات الكثيفة ‏التي تواصلت أمس في السرايا الحكومية من مصادر معنية ان نتائج هذه الاجتماعات لا ‏يمكنها تجاوز اهمية التحفظات والمحاذير التي أبدتها جمعية المصارف وافرقاء ماليون ‏معنيون آخرون يتخوفون من الاثر الذي سيحدثه تخلف لبنان عن سداد ديونه للمرة الاولى ‏ولو امتلك كل العوامل والاسباب والظروف المخففة والمبررة لهذا التخلف‎.‎
وقالت المصادر إنه على رغم الكتمان الشديد الذي تحاط به الاجتماعات الجارية لبت القرار ‏النهائي للحكومة في شأن "الاوروبوند"، فإن البحث بلغ كما يبدو مراحله النهائية حول ‏السيناريو التنفيذي التقني الذي يشمل عملاً أساسياً للاستشاريين الاجنبيين القانوني ‏والمالي للحكومة لاطلاق مفاوضات اعادة البرمجة والهيكلة بعد اتخاذ القرار، واستنفدت ‏تقريباً دراسة كل الاحتمالات التي ستترتب على هذا الخيار كما على خيار التزام التسديد ‏بوجهيهما الداخلي والخارجي سواء على صعيد المالية العامة للدولة أو على صعيد ‏العلاقات الخارجية. 
وأضافت المصادر أنه بعد اعلان القرار النهائي في شأن "اليوروبوند" ‏ستكون للحكومة استحقاق اخر يتصل بالخطة المالية الداخلية والتي تردد امس ان رئيس ‏الحكومة قد يكشف تفاصيلها بعد العاشر من آذار وهي تتضمن اجراءات وصفت بانها ‏مؤلمة واضطرارية وغير شعبية للخروج من المأزق المالي الكبير والمعقد‎.‎
وقد تابعت جمعية المصارف مشاوراتها مع الحكومة، توصلا الى تنظيم أي قرار محتمل ‏بالتخلف عن السداد، نظرا الى المخاطر الكبيرة التي سيرتبها قرار كهذا قبل الجلوس الى ‏الطاولة مع الدائنين والتفاوض في شأن الشروط الجديدة لاعادة هيكلة السندات‎.‎
‎ وعلم في هذا المجال ان المصارف اقترحت حلاً يمكن ان يشكل مخرجا من المأزق الذي ‏بلغه ملف "الاوروبوند" في ظل التباين الواضح بين القوى السياسية الداعمة للحكومة حيال ‏الخيار الواجب السير فيه‎.‎
‎ وفهم ان الاقتراح الذي عرضته المصارف لا يزال يلقى معارضة من داخل الحكومة كما من ‏رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعلن صراحة موقفه عبر زوار لقاء الاربعاء النيابي، فضلاً ‏عن بعض المستشارين لدى رئيس الوزراء‎.‎
‎ وكشفت المعلومات المتوافرة لدى "النهار" ان "حزب الله"، خلافاً لما يتم تداوله، لا يعارض ‏الاقتراح المصرفي، خصوصاً أنه يدرك ان البديل قد يكون الفوضى. أما الاقتراح فيرمي الى ‏تأمين تمويل يغطي دفعة من الاصدارات الثلاث للـ"الاوروبوند" المستحقة في آذار ونيسان ‏وحزيران، تمهيداً لإتاحة الوقت للحكومة لتعزيز موقعها التفاوضي والاستعداد للجلوس مع ‏الدائنين لوضع برنامج لاعادة الجدولة. وفي حين تحفظت مصادر مصرفية عن كشف ‏مصادر التمويل المتاحة، كشفت ان الحكومة لا تزال رافضة للاقتراح، دافعة في اتجاه اعلان ‏التخلف، على رغم ضيق الوقت المتاح لاعادة الجدولة، وعدم تقديمها أي خيار بديل بعد‎.‎
‎ غير ان الرئيس بري رأى "ان غالبية الشعب اللبناني وكذلك المجلس النيابي، ترفض رفضاً ‏مطلقاً الدفع المسبق (لـ"الأوروبوند")، والمطلوب دعم الحكومة من الجميع لهذا الموقف ‏ولو أدى الى التعثر". وقال في حضور غالبية ممثلي الكتل النيابية في "لقاء الاربعاء" في ‏عين التينة: "المصارف التي أوصلتنا الى خسارة نسبة الـ75% من الدَّين تتحمل المسؤولية ‏مع الشارين الأجانب، فإذا ارادوا إعادة الهيكلة من دون قيد أو شرط ومن دون دفع أي مبلغ ‏أو نسبة من المبلغ أو فائدة فليكن، عدا ذلك فإننا مع أي تدبير تتخذه الحكومة عدا الدفع ‏هذا، ومرة أخرى المسّ بالودائع من المقدسات"..‎ ‎
وشدد على "وحدة الموقف الداخلي، معارضة وموالاة، والوحدة الوطنية لمواجهة هذه ‏الازمة‎"..
قطع الطرق
‎ في غضون ذلك برزت، تداعيات سلبية واسعة لحال الترقب السائدة للقرار الحكومي عن ‏‏"الاوروبوند" أو الخطة المالية الشاملة، اذ انعكست هذه التداعيات في قفزة كبيرة جديدة ‏لسعر "دولار السوق" الذي تخطى رقماً قياسياً جديداً أمس ناهز الـ2650 ليرة لبنانية. والهب ‏هذا التطور الشارع الاحتجاجي مجدداً، فعادت ظاهرة قطع الطرق متزامنة مع اعتصامات ‏في مناطق عدة احتجاجاً على تدهور الظروف المالية والاقتصادية والاجتماعية. وفي البقاع، ‏قطع عدد من المحتجين طرق تعلبايا، المرج - برالياس وجديتا العالي احتجاجاً على توقيف ‏الناشط الدكتور أمير أبو عديلة، وسجّلت مواجهات مع الجيش في تعلبايا استخدمت خلالها ‏قنابل الغاز المسيل للدموع‎.‎
‎ كذلك قطع أوتوستراد المحمرة في الاتجاهين، وأوتوستراد البداوي في طرابلس قرب ‏مسجد صلاح الدين، وأوتوستراد البحصاص. كما قطع أوتوستراد المنية أمام مبنى البلدية. ‏وقطع أيضاً أوتوستراد الناعمة والسعديات‎.‎
‎ وفي بيروت، قطع عدد من المتظاهرين السير عند تقاطع المدينة الرياضية في اتجاه ‏بيروت بعض الوقت قبل أن يعاد فتحها. وأعيد فتح السير عند تقاطع الصيفي في اتّجاه ‏بيروت بعدما قطعها شبّان. وقال ناشطون لـ"النهار" إن قطع الطرق كان احتجاجاً على ‏ارتفاع سعر صرف الدولار وبلوغه عتبة 2700 ليرة لبنانية‎.‎
‎ كورونا: 14 اصابة‎
أما في أزمة انتشار فيروس كورونا في لبنان، فأعلنت مساء أمس النتيجة الثانية للاصابة ‏الأولى التي سُجلت في لبنان من مستشفى رفيق الحريري الجامعي. وقد جاءت النتيجة ‏إيجابية طفيفة في حين انها لم تعد تعاني أعراضاً، فقرر مستشفى رفيق الحريري الجامعي ‏إبقاءها في العزل وليس في الحجر. 
وأثار خبر النتيجة الأولية السلبية للمريضة والتي ‏صدرت أول من أمس آمالاً وارتياحاً كبيرين في ظلّ أجواء الخوف والهلع التي سيطرت على ‏لبنان في الآونة الأخيرة. في حين سجلت اصابتان جديدتان ليرتفع العدد الى 14 إصابة. وقد ‏جرى فحص مخبري لشخص حضر الى لبنان من مصر وادخل مستشفى المعونات في جبيل ‏بسبب معاناته ضيقاً تنفسياً حاداً، فجاءت نتيجة الفحص إيجابية ونقل على الاثر الى ‏مستشفى رفيق الحريري..

النهار - 5-3-2020

إرسال تعليق

 
Top