0
بشيم الأشقاء الكبار الذين يترفعون عن الصغائر والكبائر وقت اشتداد الأزمات ولا تثنيهم أصابع مرفوعة تتخذ من ‏لبنان منصة انطلاق للتلويح بتهديد شقيق وصديق لحسابات بات يتيقّن القاصي والداني من أنّ عموم اللبنانيين لا ناقة ‏لهم فيها ولا جمل، بادرت الإمارات العربية المتحدة إلى الأخذ بيد لبنان لانتشاله من مستنقع المجهول، فنقلته من ضفة ‏‏"حبس الأنفاس" إلى ضفة "تنفّس الصعداء" عبر جرعة "أوكسيجين" ضختها في عروق البلد بعدما باتت شرايينه ‏الاقتصادية على شفير التصلّب الآيل إلى تعطّل وظائفه الحيوية‎.‎
‎ وأول الغيث جاء على شكل قرار رفع الحظر عن مجيء الإماراتيين إلى لبنان اعتباراً من اليوم بما يشكل فاتحة مرحلة ‏واعدة من القرارات والخطوات الهادفة إلى استنهاض الوضع اللبناني، اقتصادياً ومالياً واستثمارياً، وسط إشارة أوساط ‏معنية لـ"نداء الوطن" إلى تدرّج في الدعم الإماراتي المنشود بين "المدى الطويل" الذي يحتاج إلى درس وتباحث ‏وتوقيع اتفاقيات عبر اللجنة العليا المشتركة المرتقب انعقادها في بيروت لتزخيم العجلة الاستثمارية والاقتصادية ‏والتجارية بين البلدين، وبين "المدى المنظور" لا سيما على المستوى المالي، على وقع ترجيحات تتحدث عن احتمال ‏إيداع الدولة الإماراتية وديعة مالية وازنة في مصرف لبنان تدعّم ملاءته النقدية، سيما في ظل الثقة التي يتمتع بها ‏المصرف المركزي بشخص حاكمه رياض سلامة لدى المجتمعين العربي والغربي‎.‎
‎ فبعدما لم تعد الأزمة التي تعصف بلبنان تتيح له ترف استنزاف الوقت بانتظار خيرات "سيدر"، وبات السؤال ‏المحوري: من الآن وحتى ترجمات "سيدر" كيف السبيل إلى صمود الاقتصاد اللبناني؟ أتت فسحة الأمل الإماراتية ‏لتؤمن جسر عبور آمن للبنانيين في هذه المرحلة الحساسة من واقعهم الاقتصادي المتدهور، وبهذا المعنى حرص ‏الإماراتيون من خلال استضافة المؤتمر الاستثماري اللبناني - الإماراتي على إرسال رسالة واضحة تؤكد أنّ لبنان ‏ليس متروكاً لقدره، سواءً في الشكل من خلال الحفاوة التي قوبل بها الوفد اللبناني الرسمي برئاسة رئيس مجلس ‏الوزراء سعد الحريري، أو في المضمون عبر جملة مواقف ومعطيات ومعلومات واردة من أبو ظبي تؤكد "النية ‏والجدية" في اتجاه السلطات الإماراتية نحو تدعيم أواصر التعاون الاستثماري مع لبنان في مختلف المجالات الحيوية ‏من نفط وغاز وطاقة متجددة وأمن غذائي بالتوازي مع تطوير العلاقات المالية والمصرفية المشتركة بين البلدين‎.‎
‎ وإذا كان الدعم الإماراتي للبنان، كما كل دعم عربي وغربي للبنان، يبقى محكوماً بخطين أحمرين عريضين، الأول أن ‏لا يصبّ في أي من مزاريب الهدر والفساد والمحسوبيات والسمسرات التي أثقلت كاهل الخزينة اللبنانية على مرّ ‏المراحل الماضية، والثاني أن لا ينزلق هذا الدعم في أي من مندرجاته وتطبيقاته نحو أي من القنوات المالية ‏والاستثمارية التي قد يستفيد منها "حزب الله"، فإن الحريري بدا من هذا المنطلق منسجماً مع هذا الواقع على طول ‏الطريق الدولي - العربي الواعد في دعم الاقتصاد والنمو اللبنانيين، بدءاً من مؤتمر "سيدر" وصولاً إلى مؤتمر أبو ‏ظبي حيث حرص بالأمس على تجديد النأي بحكومته وبالدولة اللبنانية عامةً عن أنشطة "حزب الله" في المنطقة، ‏وهو ما جسده بكلام واضح وصريح لوكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام" قائلاً ما مفاده "لا تحاسبونا على ارتكابات ‏‏"حزب الله" الإقليمي" باعتبار أي اتهامات "للحزب" ينبغي أن توجه له بوصفه "جزءاً من النظام الإقليمي"، بينما ‏موقف لبنان الرسمي تعبّر عنه حكومته التي كانت ولا تزال "ترفض التدخل أو المشاركة في أي أنشطة عدائية لأي ‏منظمة تستهدف دول الخليج العربي‎".

نداء الوطن - 8 تشرين الاول 2019

إرسال تعليق

 
Top