0
هل تحول الاصطفاف النيابي في الجلسة التشريعية أمس خلافاً مناطقياً أو طائفياً؟ أم ان "القلة تولد النقار" وفق المثل ‏الشعبي اللبناني؟ يمكن القول إنهما وجهان لعملة واحدة ترسخ الانقسامات القائمة، وتؤكدها، تحت عناوين مختلفة، غالباً ‏ما تسودها المزايدات الاعلامية والتسابق لكسب الرأي العام. توتر أمس كشف عمق الازمة، لا بل عمق حجم الخلافات ‏في ادارة البلاد والعلاقات بين مكونات الحكومة، والاهم عمق غياب أي قاعدة واضحة للانفاق والصرف، ولا سيما في ‏ظل الوضع المالي والاقتصادي الدقيق‎.‎
‎ ففي ظل اعتماد التقشف، كان تسابق على المضي بمشاريع لم يعد النظر فيها لتحديد الاولويات بعد مرور سنوات على ‏اقرارها، في ظل سعي نواب كل منطقة الى الخروج بحصة الاسد، بما يوحي ان الاموال، وان قال البعض إنها ‏محجوزة، متوافرة بكثرة، وهو عكس ما تثبته الوقائع اليومية. هذا الامر دفع رئيس الوزراء سعد الحريري الى مغادرة ‏قاعة مجلس النواب بعض الوقت، قبل ان يعود إليها مستاء. وبعد السجال الذي رافق سحب المشروع المتعلّق ‏باعتمادات لاستكمال مشاريع انمائية في جبل لبنان، عقد نواب "التيار الوطني الحر" و"القوّات اللبنانية" و"الكتائب ‏اللبنانية" و"الطاشناق" مؤتمراً صحافياً مشتركاً تطرّقوا فيه الى المشاريع الضرورية الواجب اقرارها لمصلحة ‏المنطقة‎.‎
‎ وعلى وقع الجلسة كانت اعتصامات متعددة تزيد صخب الشارع في الخارج، وخرج نواب لمشاركة المعتصمين في ‏تحركهم. واذا كان نهار أمس حفل بثلاثة اعتصامات للمستأجرين وأصحاب الابنية وللناجحين في مجلس الخدمة ‏المدنية، فان اليوم يشهد تحركات مطلبية أوسع تكفي الاشارة اليها للدلالة على المشاكل التي باتت تواجه ليس الحكومة ‏فحسب، وانما الدولة برمتها. في برنامج اليوم‎:‎
‎ الساعة 9:00 اعتصام رمزي تنفذه اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان، في ساحة الكولا، رفضاً للتعديات ‏التي يتعرض لها السائقون العموميون من جراء وجود ما يسمى "أوبر وكريم" العاملة خلافا للاصول والقانون‎.‎
الساعة 11:00 مؤتمر صحافي يعقده رئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء مارون الحلو، تزامناً مع بدء الحكومة ‏درس مشروع موازنة 2020، واستباقاً لأي تحركات تصعيدية، يعرض فيه بالمعطيات معاناة قطاع المقاولات ‏وبالأرقام مستحقات المقاولين لدى الدولة، كما يحدد مطالب القطاع وسقف التحرك المقبل للنقابة‎.‎
‎ الساعة 12:00 اعتصام دعت إليه لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية، أمام مبنى الإدارة المركزية ‏للجامعة في المتحف‎.‎
‎ الساعة 13:00 مؤتمر صحافي مشترك لرئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين جاد تابت ونقيب المهندسين في طرابلس بسام ‏زيادة، في بيت المهندس، للاعلان عن رفض نقابتي المهندسين للمادة الـ18 من مشروع موازنة 2020 بإلغاء البند 9 ‏من المادة 3 من القانون رقم 11 تاريخ 19/2/1964 وتعديلاته (قانون الصندوق التقاعدي للمهندسين‎).‎
‎ الساعة 17:00 اجتماع تشاوري شعبي نقابي، لوضع خطة عمل وتحرك لمواجهة السياسات المالية والاقتصادية ‏والدفاع عن حقوق العمال والأجراء، في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان‎.‎
‎ من جهة أخرى، أعلن تجمع المطاحن في لبنان أن "الاوضاع الاقتصادية العامة التي تمر بها البلاد وانعكاساتها على ‏الدورة التجارية ولا سيما صعوبة التحويل من الليرة اللبنانية الى الدولار الاميركي وفارق اسعار الصرف، بدأ يؤثر ‏سلبا على استمرار عمل المطاحن التي تبيع انتاجها من الطحين بالليرة اللبنانية". ‎ ‎
وقال "إن الاحتياط التمويني من القمح لدى المطاحن انخفض الى مستوى يشكل خطراً، ما قد يعرض البلاد لأزمة ‏تموينية اذا لم تحل مشكلة الدولار الاميركي الذي تتم بواسطته عملية الاستيراد".
‎ وفي شأن متصل، يحدد أصحاب محطات الوقود وتجمع شركات النفط موقفهم من الاضراب في ضوء الحل الذي ‏وعدهم به رئيس الوزراء قبل 48 ساعة، وهم يتجهون في حال عدم توافر الدولار، الى وقف الاستيراد، وتم أمس ‏التواصل مع اصحاب المولدات الكهربائية لتنسيق الخطوة المشتركة معهم‎.‎
‎نيويورك
‎ ومن بيروت الى نيويورك، حيث شارك رئيس الجمهورية ميشال عون في التاسعة صباحا بتوقيت نيويورك (الرابعة ‏بعد الظهر بتوقيت بيروت) في الجلسة الافتتاحية للجمعية العمومية للامم المتحدة بدورتها الـ 74، وفي الغداء الذي ‏أقامه الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس على شرف رؤساء الوفود‎.‎
‎ وليلاً أعلن مصرف لبنان أنّه سيصدر تعميماً الثلثاء المقبل ينظّم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار ‏الأميركي‎.‎
‎ كما واصل الرئيس عون لقاءاته على هامش أعمال الجمعية في مقر الامم المتحدة وقد شملت عدداً من رؤساء الدول ‏والمنظمات الدولية أبرزهم العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين. وتناول البحث التعاون الاقتصادي بين ‏البلدين واقامة سوق اقتصادية مشتركة لدول المشرق ومنها سوريا ولبنان والاردن والعراق، على ان تنضم اليها بعد ‏انطلاقها واثبات فاعليتها دول أخرى‎.‎
‎ وكان الاتفاق شبه كامل بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس عون على كل الملفات التي تناولاها، ولا سيما ‏منها التعاون الأقرب الى الشركة في كل من مؤتمر "سيدر" والاحتفالات المشتركة بمئوية لبنان الكبير. ولكن كان ‏اللافت تمايز الموقف الفرنسي في موضوع عودة النازحين السوريين، إذ عرض الرئيس عون اعباء كثافة هذا النزوح ‏على لبنان في كل المجالات، وأشار الى أن نحو 360 ألف سوري عادوا طوعاً من لبنان الى سوريا ولم تشر أية ‏تقارير دولية الى تعرضهم لأي حادث أمني. أما ماكرون، فربط هذه العودة بالحل السياسي في سوريا، من خلال ‏تشكيل اللجنة الدستورية التي تم التوافق عليها،معتبراً أن اسباب عدم العودة قد تكون سياسية وأمنية، وليس فقط ‏اقتصادية‎.‎
‎ وفي موضوع الاجراءات المطلوب تنفيذها للبدء بتطبيق مقررات مؤتمر "سيدر"، اطلع رئيس الجمهورية من الرئيس ‏ماكرون على نتائج لقائه رئيس الوزراء سعد الحريري، وما تم التشديد عليه من اصلاحات بنيوية يفترض في لبنان أن ‏يتخذها في الأشهر المقبلة، وهي التي امل الحريري في اقرار معظمها قبل نهاية هذه السنة.

النهار - 25 ايلول 2019

إرسال تعليق

 
Top