0
لم يسبق للبنان ان شهد حال ترقب وشد أعصاب وعد عكسي قلق كتلك التي يشهدها في الايام والساعات الاخيرة قبيل ‏صدور تقرير وكالة "ستاندارد اند بورز" غداً عن تقويمها الائتماني لواقع لبنان المالي. واذا كان لهذا الاستنفار الذي ‏اثقل على البلاد من ابعاد ودلالات، فهي تعكس بلوغ المناعة المالية والاقتصادية للبنان متاهات بالغة الدقة والحساسية ‏في الاقتراب من أخطار قد يكون من الصعب احتواؤها ما لم تنطلق باقصى سرعة عملية تنفيذ جادة للاجراءات ‏التصحيحية والاصلاحية المالية والاقتصادية والانمائية التي تعهدت الدولة تنفيذها سواء في مؤتمر "سيدر" أولاً ومن ‏ثم في مناسبات متعاقبة أخرى، وصولاً الى المحطة الاخيرة في الاجتماع المالي الذي انعقد قبل اسبوعين في قصر ‏بعبدا في حضور رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري‎.‎
‎ كما لم يكن أدل على بلوغ حال حبس الانفاس عشية صدور التقرير الائتماني الجديد لـ"ستاندارد اند بورز" والذي ‏كانت سبقته عاصفة توقعات عن اتجاهه الى خفض جديد لتصنيف لبنان، من تصاعد موجة جديدة من التوقعات ‏والمعطيات المتناقضة بين متفائلين بان يبقى التصنيف على ما كان ومنح لبنان فرصة سماح جديدة لتنفيذ التعهدات ‏الاصلاحية العاجلة التي من شأنها ان تستكمل بعض الاجراءات الملموسة التي نفذت في الاشهر الاخيرة ولا سيما منها ‏انجاز خفض في عجز الموازنة ووضع خطة للكهرباء، ومتشائمين بامكان اعلان خفض جديد في التقويم بما يحدث ‏تداعيات مؤذية للغاية مالياً واستثمارياً، وإن يكن مصرف لبنان والمصارف اللبنانية قد استعدت سلفاً لاحتواء تداعيات ‏سلبية محتملة. 
ومع ذلك بدت كفة ترجيح ابقاء التقويم على ما كان عليه راجحة على احتمال خفض التقويم، لكن ‏المسؤولين المعنيين رفضوا حتى ليل أمس أي جزم بالاتجاهات التي ستبرز في الساعات المقبلة. واللافت في هذا ‏السياق ان الرئيس بري بدا أكثر المسؤولين افصاحاً عن استبعاده تقويماً سلبياً، فيما "غاب" الرئيس الحريري عن ‏النشاطات العلنية أمس حتى ساعات العصر وتردد انه انصرف الى عقد مجموعة لقاءات مهمة مع سفراء دول مساهمة ‏في مقررات "سيدر"، كما أفادت معلومات ان اتصالاته التي أجراها من واشنطن والمحادثات التي عقدها هناك كان لها ‏أيضاً دور في امكان تجنب صدور خفض جديد للتقويم الائتماني في الساعات المقبلة‎.‎
وفي كلمة القاها بعد ظهر أمس لدى رعايته حفل توزيع منح متفوقي الثانوية العامة في السرايا، قال الحريري: ‏‏"تسمعون الكثير اليوم عن الوضع الاقتصادي وما يمكن أن يحصل، لكننا كحكومة لدينا خطة واضحة في هذا الشأن ‏للأعوام 2019 و2020 و2021، وكيف سنسير بهذه الدولة. وكل هذا العمل الذي نقوم به هو من أجلكم كشباب ‏وشابات، وأنا سعيد جداً لكون 72% من المتفوقين هم من الشابات، وهذا يدل على صوابية توجهاتنا". ‎ ‎
وفي عين التينة، حافظ رئيس مجلس النواب على تفاؤله ورأى ان كل "التوقعات حول التصنيف الإئتماني للبنان من ‏قبل المؤسسات الدولية قد تحمل مؤشرات إيجابية وهذا قد يعطي فرصة للبنان لتصحيح مسار الأمور"، مشيراً الى ان ‏‏"الأجواء الإيجابية التي تمخضت عن لقاء المصالحة والمصارحة التي حصلت يجب ان تمهد للبدء بتنشيط العمل ‏الحكومي وتزخيمه في كل الملفات التي تحظى بإهتمام كل اللبنانيين". 
ونقل نواب "لقاء الاربعاء" عن الرئيس بري ‏أنه "بطبيعة الحال ان تتصدر الأزمة الإقتصادية بكل تشعباتها كل الإهتمام، خصوصاً ان هناك إجماعاً وطنياً على ‏ضرورة مقاربة هذه الازمة ولو اقتضى الامر اعلان حالة طوارئ اقتصادية حيالها". وشدد بري على ضرورة تفعيل ‏العمل البرلماني مستعيناً "بالآية الكريمة "قفوهم انهم مسؤولون" على قاعدة ان المرحلة تستدعي العمل وليس الكلام، ‏وهناك الكثير من الشكاوى ومن مهمات المجلس القيام بأدواره الرقابية والتشريعية على اكمل وجه‎.‎
الى ذلك، قال عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب علي بزي إن "الرئيس بري يعتبر أن ما ورد في بعض الصحف ‏لا يعبر حقيقة عما حصل، ولا نقاش حول توليه موضوع ترسيم الحدود‎".
‎ تعيينات قضائية
‎ ووسط هذه الاجواء ستتسم الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء اليوم في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين باهمية ‏تتجاوز جدول أعمالها الى رصد الاجواء السياسية التي ستسود المناقشات والقرارات سواء كانت مدرجة على جدول ‏الاعمال أم طرحت من خارجه. 
وفي هذا السياق توافرت معلومات لـ"النهار" ليل أمس من مصادر وزارية بارزة ‏مفادها أن ثمة احتمالاً كبيراً لاصدار دفعة من التعيينات في جلسة اليوم وان المشاورات التي أجريت في هذا الشأن ‏رجحت صدور هذه الدفعة. 
واوضحت المصادر ان التعيينات المعنية تتصل بعشرة مناصب ومواقع قضائية نصفها ‏يعود الى الاعضاء الخمسة المتبقين من أعضاء المجلس الدستوري الذين يتعين على الحكومة ان تعينهم، أما المناصب ‏الخمسة الاخرى فتعود الى مواقع قضائية بارزة ولا سيما منها مدعي عام التمييز والمدير العام لوزارة العدل ورئيس ‏مجلس شورى الدولة ورئيس هيئة التشريع والاستشارات. 
ورجحت ان يجتمع الرئيس عون والرئيس الحريري قبل ‏الجلسة، كما سيلتقي عون وزير العدل البرت سرحان لتقرير الاتجاه النهائي لهذه التعيينات، في حين كان الحريري ‏التقى ليل أمس في "بيت الوسط" وزير الخارجية جبران باسيل وكانت التعيينات ضمن الامور التي طرحت في اللقاء‎.‎
ريتشارد والجيش
‎ وفي سياق آخر، نفذ أمس الفوج المجوقل في جرود العاقورة مناورة قتالية بالذخيرة الحية، شاركت فيها القوات الجوية ‏وأفواج المدفعية الأول والمدرعات الأول والمضاد للدروع، في حضور قائد الجيش العماد جوزف عون وقائد الحرس ‏الوطني القبرصي الجنرال الياس ليونتاريس الذي يقوم بزيارة رسمية للبنان، والسفيرة الأميركية في لبنان اليزابيت ‏ريتشارد، وعدد من الملحقين العسكريين وضباط من الجيش ومدعوين مدنيين‎.‎
‎ وفي كلمة الى الصحافة، هنأت السفيرة ريتشارد الجيش اللبناني "لإظهاره الاحتراف والتطور المتميزين في تنفيذ ‏المناورات المعقدة بكل أمان أثناء استخدام أسلحة ومعدات ذات تكنولوجيا متقدمة"، واصفة المناورة الحية بأنها "عملية ‏صعبة للغاية مع الكثير من المكونات المتحركة". واشارت الى ان "التواصل بين جميع العناصر كان استثنائيا". ‏واضافت: "إنه لشرف لي أن أكون ضيفة على الجيش اللبناني، نحن مؤمنون بقوة بهذا الجيش وآمل أن يؤمن كل ‏لبناني به كذلك". وسلطت السفيرة ريتشارد الضوء على شحنة سيارات "الهمفي" والمعدات الأمنية التي سلّمت ‏الاسبوع الماضي الى الجيش والتي تزيد قيمتها على 60 مليون دولار‎.

النهار - 22 اب 2019

إرسال تعليق

 
Top