0
لعل السؤال بالعبارة المستعارة الذي طرحته "النهار" قبل يومين هل "البلد ماشي؟" تتظهر الأجوبة عنه يوماً بعد آخر في اتجاه سلبي، ذلك ان اتفاق مجلس الوزراء على قرارات ايجابية تسبق اقرار خطة الكهرباء، لا يلغي الصورة السوداوية لواقع الحياة السياسية والاقتصادية، اذ يتبين من الممارسة السياسية ان كل الملفات ستبقى خاضعة للتجاذبات بما يؤخر كل انطلاق فعلي لتحقيق انجازات منتظرة.
أمس وبعيد انتهاء جلسة مجلس الوزراء التي نجحت في الموافقة على اطلاق الدورة الثانية لتراخيص التنقيب عن النفط واضافة بلوكين على الثلاثة السابقة، اطل وزير الاقتصاد منصور بطيش ليشن هجوماً مباشراً وغير مسبوق على حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، منتقداً اجراءاته وهندساته المالية. وقال إن "واقعنا الاقتصادي الحالي هو نتيجة التوجهات الخاطئة منذ أكثر من ربع قرن، وما عاد يكفي الاقتراض من الخارج والترقيع ولا التذاكي على حساب الناس والبلد". وفيما لاذ مصرف لبنان بالصمت، وسيستمر في ذلك على الارجح، تخوفت مصادر نيابية عبر "النهار" من "تداعيات هذا الاشتباك المفتعل في هذه الظروف الضاغطة اقتصادياً ومالياً، وفي ظل ضغوط دولية لتنفيذ اصلاحات مالية وادارية". وبينما ربطت التأخير في تعيين نواب الحاكم بالمستجد، نفت علمها بـ"وجود اي خطة لتغيير الحاكم حالياً". وفضلت المصادر الانتظار لاتضاح الموقف وما اذا كان رداً موضعياً على الحاكم الذي قال قبل أسبوعين: "تشكل الادارة الحكيمة وسيلةً لخفض عجز الموازنة، لا سيما أنه بعد شهرين من تشكيل الحكومة، لم تَبحث في برامجَ إصلاحية تضع لبنان على مسار إصلاحي، مع أن الأسواق تترقب ذلك، ما أثار ردود فعل سلبية تجسدت بارتفاع الفوائد." ورجحت ان تكون "زوبعة في فنجان" لأن الوقت غير مؤات لاحداث تغييرات تكون لها ارتدادات غير مناسبة، كما ان لا اتفاق على اجراء تعديل أو تغيير في الحاكمية.
أما اللجنة الوزارية للكهرباء، فلم تتوصل الى حسم كل نقاط الخلاف، واستمر الصراع بين وزراء "القوات" من جهة ووزيرة الطاقة ندى بستاني من جهة اخرى، خصوصاً في ملفي ادارة المناقصات والهيئة الناظمة للكهرباء. وتم الاتفاق مساء على جلسة خاصة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس ميشال عون الاثنين في قصر بعبدا لاقرار الخطة وسط تحفظات ورقابة شديدة ستفرض على مضامينها. وأعلنت بستاني انه "في العام 2020 سيرى اللبنانيون أنه تم البدء بالحل الموقت في خطة الكهرباء". أما مصادر "القوات اللبنانية" فنظرت بإيجابية إلى التقدم الذي أحرز في اللجنة لجهة الملاحظات التي أخذ بها على رغم وجود بعض النقاط العالقة. وقالت إنه تم إقرار المبادئ العامة للخطة وفق الملاحظات التي كانت "القوات" قد أدرجتها ولا سيما لناحية الربط بين الحل الدائم والحل المؤقت والربط بين الانتاج والهدر، وسوف تحرص على النظر في تفاصيل التطبيق لكل مرحلة على حدة.
وفي شأن متصل بالعمل الحكومي، واكبت تحركات مطلبية جلسة مجلس الوزراء، فشهدت ساحة رياض الصلح اعتصاماً للجنة متابعة الناجحين في مجلس الخدمة المدنية لمصلحة المديرية العامة للطيران المدني، رفضاً للمماطلة في توقيع مراسيم تعيينهم، والمطالبة بحل هذا الملف وتعيين الناجحين في الوظائف التي نجحوا فيها.
كذلك نظّم متطوعو الدفاع المدني المعتصمون منذ أيام في ساحة الشهداء، وقفة في ساحة رياض الصلح، مطالبين بالاسراع في إصدار مرسوم تثبيتهم. وعمد عدد منهم الى تقييد أيديهم بسلاسل حديد، وأقفلوا مداخل السرايا بأجسادهم لمنع الوزراء من دخولها. وتجمهر عدد من الناشطين المناهضين لإنشاء مشروع سد بسري.
وفي سياق المواقف التصعيدية التي تقودها نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء في لبنان للحصول على المستحقات المتأخرة، قاطع متعهدو الأشغال العامة مناقصة انشاء مبنى الجمارك لدى مجلس الانماء والاعمار، وذلك بناء على قرار مجلس إدارة النقابة الذي دعا الى مقاطعة كل المناقصات المعروضة بتمويل محلي.
ويذكر ان الرئيس سعد الحريري لفت في مستهل الجلسة الحكومية الى انه "لا يجوز تسريب جدول اعمال مجلس الوزراء والبدء بمناقشته في الاعلام"، وذلك رداً على الضجة التي اثيرت حول موضوع اعفاء شركات مالية ومصرفية من غرامات كبيرة متأخرة ما استدعى تأجيل البند المطروح الى الاسبوع المقبل. وصرح وزير الإعلام جمال الجراح بان "تسوية الغرامات تسمح لوزير المال بجباية المال، وبالتالي فإنه مطلب حق أن نحاول إدخال مال إضافي إلى الخزينة، نتيجة هذه الغرامات والرسوم. وتأجل هذا البند إلى الأسبوع المقبل، وحتى وزير المال أحب أن يوضح بعض الأمور بخصوصه، وهو سيكون على جدول أعمال جلسة الأسبوع المقبل. لكني أردت أن أشرح للرأي العام أنه ليس صحيحاً ما تم تداوله في الإعلام من إعفاء مؤسسات من الرسوم والضرائب، بل إن الإعفاء المطلوب هو من الغرامات فقط".
وعلم من مصادر وزارية ان التوجه العام كان الى حسم هذا الملف الذي يجرجر أذياله منذ نحو عشر سنين، ويحال القانون الرقم 662 الصادر في تاريخ 4/2/2005 الذي ينص على تعليق اجازة تسوية أي غرامة يتجاوز معها الخفض المليار ليرة على موافقة مجلس الوزراء، دون متابعة إجراءات التحصيل الجبري الى حين بت طالبات خفض الغرامات.

النهار - 5 نيسان 2019

إرسال تعليق

 
Top