0
هلعُ بعض القضاة لا يُعادله هلعٌ. يتحسّس هؤلاء مقاعدهم خشية اعتراف سمسارٍ أو فضح دليل قد يُطيحهم. يُقابله تفاؤلٌ غير مسبوق يعيشه قضاة آخرون. يستبشرون خيراً بفرملة الفساد ولو مؤقتاً، آملين أن تُستكمل حملة مكافحته لتنقية الجسم القضائي من الفاسدين. غير أنّهم يتخوّفون من وقف الحملة جرّاء انطلاق حراكٍ قضائي مناهض للتحقيق الذي يُجريه فرع المعلومات. جديد التحقيقات استدعاء قضاة إلى التفتيش القضائي وادعاء آخرين أن حساباتهم الالكترونية تعرضت للقرصنة، إضافة إلى انقسامٌ حيال طريقة تعامل نقابة المحامين مع التحقيقات. وفي هذا السياق، استدعى رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد أحد القضاة الذي ورد اسمه في قضية تزوير أُثيرت مؤخراً. وذكرت المعلومات أنّه استُمع إلى إفادة القاضي على خلفية إخلاء سبيل متّهم بتجارة المخدرات، فردّ بأنّه استند إلى التقارير الطبية للموافقة على إخلاء سبيل المتّهم. كذلك جرى التطرّق إلى اتّخاذ القاضي، وهو رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان، القرار منفرداً بالموافقة على إخلاء السبيل من دون المستشارين، فردّ القاضي بأنّ الهيئة تنتدبه للتحقيق، مشيراً إلى أنّ هذه الصيغة معمول بها في بعبدا بخلاف عدلية بيروت حيث يُناط القرار بالهيئة الاتهامية وليس برئيسها منفرداً. وترددت معلومات عن أنّ قاضيين آخرين استُدعيا إلى التفتيش. في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» أنّ اثنين من القضاة اشتكيا من أن حساباتهما الإلكترونية تعرّضت للقرصنة. ويلمّح أحدهما إلى احتمال وقوف جهاز أمني خلف هذه العملية.
أما في ما يتعلّق بمستجدات التحقيق في قضية «الفساد القضائي» وأبطالها من «سماسرة العدلية»، فعلمت «الأخبار» أنّ أسماء عشرات المحامين وردت في إفادات الموقوفين خلال التحقيق بحيث جرى ذكرهم على أنّهم كانوا سماسرة يُيَسّرون أمور الموقوفين، من دون أن يكونوا وكلاءهم بالضرورة. كذلك بات يُتداول بأسماء عدد من السماسرة الذين ذاع صيتهم في عالم الوساطات والخدمات القضائية والأمنية، علماً بأنّ بين هؤلاء مستشارين لوزراء وشخصيات رفيعة المستوى.
وفيما كان ينتظر الجميع من القضاء مواكبة التحقيق، تتحدّث معلومات عن حراك يقوم به اثنان من كبار القضاة يعربان فيه عن استيائهما من قيام جهاز أمني محسوب على طرف سياسي (فرع المعلومات) بإجراء تحقيقات ترد فيها أسماء قضاة من جميع الطوائف. ويتناقل قضاة عن أحدهما قوله إنّه «ليس في عهدي سيتم السماح لجهاز أمني باجتياح العدلية». يترافق ذلك مع حملة سياسية تسعى إلى التشكيك في التحقيق القائم، رغم أن المطلعين على التحقيق يتحدّثون عمّا يسمونه «أدلة دامغة»، وخاصة تسجيلات صوتية ومحادثات مرفقة مع ملف التحقيق، تثبت وجود شبكة من السماسرة ودافعي الرشى ومتلقّينها في العدلية.
في موازاة الانقسام القائم حيال قرار نقابة المحامين عدم منح الإذن بملاحقة المحامية م. ع.، أكدت مصادر في مجلس نقابة المحامين لـ«الأخبار» أنّ حجب الإذن في القضية المتعلّقة بالمتهم بتهريب المخدرات مهدي م. جاء لكون المخالفة المزعومة أتت بمعرض ممارسة المحامية للمهنة، علماً بأنّ أي تجاوزٍ للأصول لم يثبت. وأضافت المصادر أنّه إذا ما ثبت حصول خرق للقانون أو وقوع أي عمل شائن، فإنّ النقابة ستُعطي الإذن. وإزاء ما يتردد عن أن نقابة المحامين تقف حجر عثرة في وجه حملة مكافحة الفساد تماشياً مع القضاة، ردت المصادر بأنّ النقابة متعاونة مع القضاء لمكافحة الفساد، كاشفة أنّ مجلس النقابة لن يُعيق التحقيقات، بل سيُعجّل في إصدار القرارات.

رضوان مرتضى - الاخبار - الاثنين 18 اذار 2019

إرسال تعليق

 
Top