0
من المتوقع ان يكون ملف التعيينات في المرحلة القليلة المقبلة نجما سياسيا بارزا، بعد ان بدأت طلائعه تبشر بامكانية ان يشكل هذا الملف مادة خلافية جديدة بين القوى السياسية ساحتها الادارة اللبنانية مع شغور عشرات المراكز الادارية، وذلك بالتزامن مع فتح ملفات الفساد وفضيحة التوظيفات الانتخابية.
ولكن اللافت ان معظم المراكز الشاغرة هي مسيحية، مما دفع «التيار الوطني الحر» للسعي للحصول عليها، خصوصا انه من المعروف في حال حصل على هذه المراكز يكون بذلك قد امسك بالمراكز المسيحية داخل الادارة اللبنانية، وهذا الامر من شأنه ان يكون سببا خلافيا جديدا بين الاطراف السياسية المسيحية، خصوصا ان التيار لا يمثل وحده المسيحيين، وبالتالي لا يحق له وحده اختصار هذا التمثيل كما تؤكد مصادر سياسية مسيحية.
«اللواء» استوضحت مصادر «القوات اللبنانية» حول هذا الموضوع، فاعتبرت ان الامر مطروح بقوة في هذه المرحلة، ويشكل احد العناوين الخلافية، ليس من زاوية ومنطلق المحاصصة بل من منطلق ان كل طرف سيحاول انتزاع ما يمكنه انتزاعه لمصلحته من تعيينات حزبية وفئوية لا تمت الى المنطق الذي يفترض تكريسه، وتشدد المصادر على ان طموحها بان تشكل هذه المرحلة بداية لتكريس آلية للتعيينات، وتشير الى انه من خلال اي آلية سيتم تلقائيا نسف كل مبدأ الخلاف داخل الحكومة وبين مكوناتها، لانه بمجرد الوصول الى اعتماد آلية للتعيينات سيصل الى الموقع المطلوب الشخص المناسب.
وترى المصادر القواتية انه من المعيب في العام 2019 ان يستذكر الشعب اللبناني العهد الشهابي في ستينيات القرن الماضي، في الوقت الذي على كل القوى السياسية المطالبة باحياء هذا النموذج من خلال ايصال الأكفأ في المكان الأنسب. 
وتشدد المصادر على ان لا اصلاح حقيقياً وفعلياً الا من خلال اعتماد آلية للتعيينات، لان اي موظف يصل الى اي مركز في الدولة من خلال هذا الزعيم او ذاك، سيكون في نهاية المطاف ولاؤه بشكل او باخر للزعيم الذي اوصله، وسيكون حكمه وممارسته تأخذ في الاعتبار الجهة التي اوصلته الى هذا الموقع، بينما عندما يصار الى اعتماد آلية معينة بمعزل عن الانتماء الشخصي لهذا الطرف اذا كان مع هذا التيار او مع ذاك الحزب، يدرك ان وصوله الى هذا الموقع كان نتيجة آلية علمية قانونية دستورية، وبالتالي وصل لانه هو الاكفأ والأجدر وتطبيق ممارسته ستأخذ بالاعتبار ليس الجهة التي اوصلته انما القوانين المرعية والدستور في ممارسته، وطريقة حكمه وتعاطيه مع الناس.
وتؤكد المصادر انه لا يمكن الكلام عن اصلاح فعلي الا من خلال اعتماد الية واضحة المعالم، من خلال خضوع كل الطلبات المقدمة للتدقيق ولفحوصات خطية وشفهية من خلال الجهات المعنية ان كان الوزير المعني ووزارة شؤون التنمية الادارية ومجلس الخدمة المدنية، وبعد ذلك تتم غربلة دقيقة للاسماء ويحسم الامر في مجلس الوزراء الذي هو من يتخذ القرار المناسب.
لذلك تعود المصادر لتشدد على انه لا يمكن ان يصطلح لبنان الا من خلال اقرار الية للتعيينات ولا يمكن الاستمرار باجراء تعيين بعض «الأزلام» في الادارة.
وتقول المصادر القواتية، اذا لم نضع الالية ونعطي الامل للناس بان الكفؤ قادر للوصول الى داخل الدولة والادارة اللبنانية، يعني اننا نساهم في هجرة الشباب اللبناني والأدمغة اللبنانية، وفي توسيع مساحة الاعتراض والهوة وعدم الثقة بين الرأي العام من جهة والسلطة السياسية من جهة ثانية، لان الناس في هذا الزمن يئست من هذه الممارسات، وهي تريد ان تلمس تغييرات جذرية، ولم تعد تقبل بممارسات تنتمي الى زمن ولى، ولفتت الى ان الناس تحاسب وتراقب وان الاصرار على نهج المحسوبيات البالي سوف يقود الى كوارث.
وأكدت المصادر على ضرورة ان تشكل التجربة الشهابية النموذج الذي يجب الارتكاز عليه، واملت ان تشهد الادارة اللبنانية «نفضة» اساسية من خلال اعتماد الالية، وعندها من ينجح يستطيع ان يكون داخل الادارة، مبدية اعتقادها بان اي طرف سياسي لن يعترض على من يتم تعيينه وفق الية من هذا النوع، اما اجراء التعيينات على قاعدة المحاصصة، فسيكون ذلك مؤسفاً، وهي تعيد اللبنانيين بالذاكرة الى زمن التسعينيات، زمن الاحتلال والوصاية السورية، وتسأل المصادر هل يعقل انه بعد ان تحررنا من هذا النظام ان نكون نمارس وفق القواعد التي ارساها هذا الاحتلال؟
وختمت المصادر بالتأكيد على أن «القوات اللبنانية» ستخوض معركة شرسة من اجل اقرار الية التعيينات.

لينا الحصري زيلع - اللواء 22-3-2019

إرسال تعليق

 
Top