ودّع اللبنانيون سنة 2018 بمشاعر الخيبة وهم يستقبلون العام 2019 بالكثير من الريبة. فالتوتر الاجتماعي يتفاقم والوضع السياسي منفصل تماما عن هموم الناس وانشغالاتهم المعيشية الحيوية.
وعلى الصعيد الحكومي، يستقبل لبنان العام الجديد بلا حكومة، إذ ينحدر التعاطي السياسي مع تشكيل حكومة جديدة بعد مرور ثمانية أشهر على الانتخابات الأخيرة، إلى مستوى أخلاقي غير مسبوق، في وقت تنحدر أحوال الناس المعيشية نحو حضيض لا قاع له.
مؤخرا، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات لناشطين لبنانيين تناولوا كل من موقعه خبر توقيف رجل في مدينة طرابلس اللبنانية اتهم بسرقة ربطتي خبز وزجاجة بيبسي كولا. وكان عدد من وسائل الإعلام أورد الخبر على النحو التالي: "أوقفت القوى الأمنية شابا سرق ربطتي خُبز وزجاجة بيبسي في طرابلس. وبعدما أصدر قاضي التحقيق قرارا بتغريمه مبلغ 300 ألف ليرة لإطلاق سراحه، فوجئ بسيدة مع أطفالها الأربعة تحاول دخول مكتبه تبين أنها زوجة الموقوف. وقصدت القاضي لترجوه إطلاق زوجها، بعدما لم تتمكن سوى من جمع 200 ألف ليرة من الكفالة. وبعدما سمع القاضي السيدة تقول له «زوجي موقوف لديك وقد سرق ليُطعمنا»، طلب منها الانتظار خارجا، ثم أرسل لها مع رئيس القلم مبلغ 100 ألف ليرة لاستكمال مبلغ الكفالة".
وكانت أخبار من مدينة صور في الجنوب قد تحدثت عن حادث مشابه لم يصل إلى القضاء حيث أن أحد المتواجدين كان قد دفع ثمن ربطة الخبز نيابة عمّن سرقها. ومهما قيل لاحقا في دقة هذه الأخبار وسواها، إلا أنه وبالملموس اليومي يسهل تقصي الواقع المأساوي الذي تعيشه شرائح ومناطق وأعداد متزايدة من اللبنانيين الذين باتت لقمة العيش بعيدة عن متناولهم.
في غمرة كل هذا، تتصاعد الدعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى النزول إلى الشارع والتظاهر والاعتصام في مواجهة قوى السلطة المسؤولة عمّا وصلت إليه البلاد من تردّ على جميع المستويات، بينما تحاول هذه الأخيرة الالتفاف على حراك الشارع الذي لم يتوقف، من خلال المشاركة بالدعوة إلى التظاهر حينا ومن خلال استدعاء الاتحاد العمالي العام الملتحق بها للتحرك حينا آخر. فقد أعلن هذا الاتحاد الإضراب العام أمس الجمعة (4 - 1 - 2019) "إضراب عام ليس موجها ضد أحد ولا مع أحد"، ومطلبه الوحيد تشكيل الحكومة، حسب تعبير رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر.
وهكذا يصبح أقصى طموحات البعض، وعلى رأسهم اتحاد عمالي عام مدجن، حث القوى المسيطرة للإسراع في تشكيل حكومتها، بينما أقصى طموحات كثير من اللبنانيين الحصول على لقمة خبز!
هكذا يصبح موقف البطريرك الراعي أكثر جذرية من مطلب الاتحاد العمالي العام! البطريرك الذي طالب بتشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين كي تتمكن من معالجة أوضاع الناس المعيشية ومواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والمالية وتصحيح واقع المؤسسات الحكومية والخدمية، بينما يتصارع أطراف في السلطة على مغانم مؤتمر سيدر1 الذي سويرتب على الدولة مزيدا من الديون.
بعض قوى السلطة يتنافس على وزارات الخدمات والصفقات، والبعض الآخر يناور كي يهيمن على الحكومة الجديدة ظنا منه أنها ستفتح له الطريق إلى رئاسة الجمهورية، أما حزب الله فيريد حكومة مطواعة تؤدي فروض الطاعة لنظام الولي الفقيه في طهران وتفتح الباب لإعادة علاقة التبعية مع نظام دمشق وأجهزته الأمنية. من هنا جاءت عقدة سنة الثامن من آذار ومن هنا تستمر المراوحة في مفاوضات تأليف الحكومة.
وهكذا يتجلى الانفصال التام بين مشاغل ومشاكل الناس وبين مشاغل القوى السياسية المسيطرة. هذا الانفصال الذي بدأت بوادره تنعكس في حركة الشارع في الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، فهل يقود هذا الانفصال إلى صدام في الشارع في العام الجديد؟
وعلى الصعيد الحكومي، يستقبل لبنان العام الجديد بلا حكومة، إذ ينحدر التعاطي السياسي مع تشكيل حكومة جديدة بعد مرور ثمانية أشهر على الانتخابات الأخيرة، إلى مستوى أخلاقي غير مسبوق، في وقت تنحدر أحوال الناس المعيشية نحو حضيض لا قاع له.
مؤخرا، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات لناشطين لبنانيين تناولوا كل من موقعه خبر توقيف رجل في مدينة طرابلس اللبنانية اتهم بسرقة ربطتي خبز وزجاجة بيبسي كولا. وكان عدد من وسائل الإعلام أورد الخبر على النحو التالي: "أوقفت القوى الأمنية شابا سرق ربطتي خُبز وزجاجة بيبسي في طرابلس. وبعدما أصدر قاضي التحقيق قرارا بتغريمه مبلغ 300 ألف ليرة لإطلاق سراحه، فوجئ بسيدة مع أطفالها الأربعة تحاول دخول مكتبه تبين أنها زوجة الموقوف. وقصدت القاضي لترجوه إطلاق زوجها، بعدما لم تتمكن سوى من جمع 200 ألف ليرة من الكفالة. وبعدما سمع القاضي السيدة تقول له «زوجي موقوف لديك وقد سرق ليُطعمنا»، طلب منها الانتظار خارجا، ثم أرسل لها مع رئيس القلم مبلغ 100 ألف ليرة لاستكمال مبلغ الكفالة".
وكانت أخبار من مدينة صور في الجنوب قد تحدثت عن حادث مشابه لم يصل إلى القضاء حيث أن أحد المتواجدين كان قد دفع ثمن ربطة الخبز نيابة عمّن سرقها. ومهما قيل لاحقا في دقة هذه الأخبار وسواها، إلا أنه وبالملموس اليومي يسهل تقصي الواقع المأساوي الذي تعيشه شرائح ومناطق وأعداد متزايدة من اللبنانيين الذين باتت لقمة العيش بعيدة عن متناولهم.
في غمرة كل هذا، تتصاعد الدعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى النزول إلى الشارع والتظاهر والاعتصام في مواجهة قوى السلطة المسؤولة عمّا وصلت إليه البلاد من تردّ على جميع المستويات، بينما تحاول هذه الأخيرة الالتفاف على حراك الشارع الذي لم يتوقف، من خلال المشاركة بالدعوة إلى التظاهر حينا ومن خلال استدعاء الاتحاد العمالي العام الملتحق بها للتحرك حينا آخر. فقد أعلن هذا الاتحاد الإضراب العام أمس الجمعة (4 - 1 - 2019) "إضراب عام ليس موجها ضد أحد ولا مع أحد"، ومطلبه الوحيد تشكيل الحكومة، حسب تعبير رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر.
وهكذا يصبح أقصى طموحات البعض، وعلى رأسهم اتحاد عمالي عام مدجن، حث القوى المسيطرة للإسراع في تشكيل حكومتها، بينما أقصى طموحات كثير من اللبنانيين الحصول على لقمة خبز!
هكذا يصبح موقف البطريرك الراعي أكثر جذرية من مطلب الاتحاد العمالي العام! البطريرك الذي طالب بتشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين كي تتمكن من معالجة أوضاع الناس المعيشية ومواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والمالية وتصحيح واقع المؤسسات الحكومية والخدمية، بينما يتصارع أطراف في السلطة على مغانم مؤتمر سيدر1 الذي سويرتب على الدولة مزيدا من الديون.
بعض قوى السلطة يتنافس على وزارات الخدمات والصفقات، والبعض الآخر يناور كي يهيمن على الحكومة الجديدة ظنا منه أنها ستفتح له الطريق إلى رئاسة الجمهورية، أما حزب الله فيريد حكومة مطواعة تؤدي فروض الطاعة لنظام الولي الفقيه في طهران وتفتح الباب لإعادة علاقة التبعية مع نظام دمشق وأجهزته الأمنية. من هنا جاءت عقدة سنة الثامن من آذار ومن هنا تستمر المراوحة في مفاوضات تأليف الحكومة.
وهكذا يتجلى الانفصال التام بين مشاغل ومشاكل الناس وبين مشاغل القوى السياسية المسيطرة. هذا الانفصال الذي بدأت بوادره تنعكس في حركة الشارع في الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، فهل يقود هذا الانفصال إلى صدام في الشارع في العام الجديد؟
عديد نصار - "العرب اللندنية" - 5 كانون الثاني 2019
إرسال تعليق