0
فوجئ الوسط السياسي اللبناني المنشغل بمشاورات يجريها الرئيس سعد الحريري المكلف تشكيل الحكومة الجديدة بعيداً من الأضواء، لتأمين ولادتها الطبيعية في أسرع وقت ممكن، بتصعيد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل موقفه من ملف عودة النازحين السوريين إلى بلدهم. إذ أصدر الوزير تعليماته إلى مديرية المراسم في الوزارة بوقف طلبات الإقامة المقدمة اليها والموجودة فيها لمصلحة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، إلى حين صدور تعليمات أخرى. وتذرع باسيل بأن البعثة التي أرسلها إلى بلدة عرسال البقاعية أفادته بأن هناك نازحين سوريين راغبين في العودة إلى سوريا، يواجهون تخويفاً من العودة يمارسه موظفون في المفوضية العليا.

وكادت المواقف التصعيدية لباسيل تطغى على المشاورات الماراتونية التي يجريها الحريري لتشكيل حكومة متجانسة وجامعة تكون على مستوى التحديات التي يواجهها لبنان، مع أن تلك المواقف لم تمر مرور الكرام وأثارت ردود فعل معترضة، خصوصاً أن ما قيل أن الموظفين في المفوضية يطرحون على من يودون العودة من النازحين السوريين أسئلة محددة تثير في نفوسهم الرعب، ومنها إلحاقهم بتأدية الخدمة العسكرية الإجبارية، ليس صحيحاً. وهذا كشفه مصدر بارز في المفوضية العليا لـ "الحياة"، موضحاً طبيعة الأسئلة التي طرحت على هؤلاء النازحين.

ولفت المصدر ذاته إلى أن "الأسئلة التي طرحت على النازحين السوريين مأخوذة من كتاب كانت أعدته المفوضية العليا منذ تأسيسها، والأسئلة تنسحب أيضاً على جميع النازحين من بلدانهم إلى بلدان أخرى، وليست محصورة بالسوريين".

وأكد أن "الموظفين التابعين للمفوضية يتقيدون بالأسئلة الموجودة في هذا الكتاب لرفع المسؤولية المعنوية والسياسية للمفوضية عن النازحين الذين يعودون". وقال إن "الأسئلة تتعلق بالبلدة التي نزحوا منها، وهل لديهم منازل فيها، وهل خرجوا منها وهم عازبون، وهل تزوجوا في الأماكن التي نزحوا إليها ورزقوا أبناء وقاموا بتسجيلهم وفق الأصول، لقطع الطريق على حصر العودة بالآباء والزوجات من دون الأولاد".


ولم تقتصر ردود الفعل على باسيل على النطاق المحلي، وإنما انسحبت على سفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان الذين تداعوا إلى لقاء تضامني مع ممثلة المفوضية في لبنان ميراي جيرار، العائدة قريباً للمشاركة في هذا اللقاء بعد غد الإثنين. وهو يأتي أيضاً في سياق الخلاف بين دول الاتحاد الأوروبي وباسيل على ملف النازحين. وكان سبق لرؤساء هذه الدول وقادتها أن اعترضوا على الآلية التي يتبعها باسيل في تعاطيه مع هذا الملف.


الى ذلك، قالت مصادر وزارية مطلعة إن "المزايدات الكلامية الصادرة عن باسيل شيء والإجراءات التي ستتخذ شيء آخر، ولا يمكن كائناً من كان أن يتخطى رئيس الحكومة لأنها من اختصاصه ومن ضمن صلاحياته".


واستغربت المصادر "التوقيت الذي اعتمده باسيل في موقفه، وقالت أن ليس من اختصاصه أن يلزم الحكومة، أكانت بكامل صلاحياتها أم في مرحلة تصريف الأعمال، بمواقف ما زالت موضع خلاف داخل اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النازحين". وأكدت أن ما قاله باسيل لا يلزم أحداً ولن تكون له مفاعيل سياسية لأن لبنان الرسمي حريص على توثيق علاقاته بالمجتمع الدولي، ومن خلاله المنظمات والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة. وسألت "بأي صفة يحق لباسيل أن يوفد موظفين تابعين للخارجية للقيام بتحقيق على الأرض؟ وهل لديه صلاحية تجيز له ذلك"؟ كما سألت: هل من صلاحيته أيضاً إصدار بطاقات الإقامة للموظفين في المنظمات الدولية؟ أم أن دور الخارجية يقتصر فقط على إحالتها على الجهة المختصة أي المديرية العامة للأمن العام؟"

"الحياة" - 9 حزيران 2018

إرسال تعليق

 
Top