0
إذا كان القانون الانتخابي، وباعتراف الجميع، قد جاء مشوِّهاً لكلّ الأحلام التي بُنيَت
عليه، ومخيّباً للآمال التي علّقها المواطن اللبناني عليه كفرصةٍ تصحيحية لمسار التمثيل الذي كان مصادَراً في زمن المحادل السياسية والطائفية.

إلّا أنه، وعلى رغم كلّ ما يعتريه من تشوّهات، يكاد لا يُقاس مع أداء السلطة التي كانت السبّاقة إلى ضرب الاستحقاق قبل أوانه، وقدّمت نموذجاً كريهاً في صرفِ النفوذ وتسخير كلّ إمكانات الدولة في خدمة هذا وذاك من المسؤولين والأطراف السياسية، من دون النظر بعين العدالة والشفافية إلى مصلحة الناس، وفي الإشراف على الارتكابات، بل وإدارة بعضها، التي صار فيها الدفع وشراء الأصوات على المفضوح، ناهيكَ عن الضغوطات المتمادية التي وصَلت في الآونة الأخيرة في بعض المناطق، وخصوصاً في بيروت والجبل، إلى حدِّ ممارسة الاعتداءات الجسدية.

والأنكى من كلّ ذلك، أنّ السلطة تتبرّأ من هذه الممارسات، وتقدّم نفسَها حالةً ملائكية، فيما طريقُها إلى المجلس النيابي، ترسمها ماكيناتُها الانتخابية يديرها شياطينُ مدعومة من المواقع الرسمية والأمنية والسياسية الرفيعة في الدولة، وأجازت لنفسِها الدَوس على القانون والنظام، بممارسات، هي تَعلم أنّها من النوع الذي يُعاقب عليه القانون. ولكن من يحاسب من، إذا كان ربّ البيت بالطبل ضارباً؟ ومن يحاسب من، في ظلّ هذا الفلتان الذي تقوده السلطة، والذي يفتح للآخرين أبواباً مشرّعة للاقتداء في غياب الحسيب والرقيب؟

في ظلّ هذا الجوّ الكريه من الاستعلاء والاستقواء بالسلطة وصرفِ النفوذ، لا يمكن تكبير الآمال على مجلس نيابي يعكس صحّة التمثيل، بل على مجلسٍ مصادَرٍ سلفاً، وهو الأمر الذي يُخشى منه في ظلّ هذا التمادي، المتزامن مع غياب الجهاز القانوني المحاسِب والمراقب بعين العدل لِما يَجري من موبقات وتشويه، ليس للقانون الانتخابي والانتخابات والحياة السياسية والبرلمانية، بل للصورة اللبنانية بشكل عام. 


"الجمهورية" - 24 نيسان 2018

إرسال تعليق

 
Top