0
منذ العام 1943، تاريخ اعلان استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي، كانت الانتخابات النيابية تجري بموجب تحالفات متعددة الأطراف، بمعنى ان لائحة واحدة تضم مرشحين من احزاب متعددة، او مجموعة من الاقطاب او المستقلين.

وكان تنوع الانتماء المذهبي والطائفي للمرشحين في هذه اللائحة او تلك بارزا، على اعتبار ان المقاعد النيابية في البرلمان اللبناني موزعة على الطوائف وفقا للحجم العددي لكل منها، او استنادا الى وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في اتفاق الطائف في العام 1990، والتي اكدت على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في عدد النواب وفي وظائف الفئة الاولى في الدولة دون غيرها، بصرف النظر عن حجم كل من الطائفتين.

والمجلس النيابي في لبنان هو السلطة الأم، لأن النواب هم الذين ينتخبون رئيس الجمهورية، ويختارون رئيس الحكومة، وهي لا تعمل إلا بعد نيل ثقة اكثرية النواب.

بطبيعة الحال، فإن نظام الاقتراع الاكثري الذي كان معتمدا على الدوام في الانتخابات التشريعية، منذ العام 1926حتى العام 2009، كان يفرض التحالف بين مجموعة من القوى او الكتل.

القانون الحالي للانتخاب الذي اقره مجلس النواب العام الماضي، يعتمد على نظام التمثيل النسبي "المحير" لأنه يعتمد على الصوت التفضيلي الشخصي وفقا للنظام الاكثري ـ أي ان النائب الذي يفوز بمقعد محدد، هو الذي يحصل على اكثرية الاصوات بين أقرانه من ذات المذهب ـ وهذا النظام بدوره يفرض على الناخب الاقتراع لكامل اللائحة، حتى ولو كان لا يؤيد احد المرشحين فيها، بينما القانون السابق، كان يسمح للناخب بشطب ـ او إضافة ـ اي اسم على اللائحة التي يختارها.

التحالفات التي كانت تقوم بين الاحزاب او المرشحين سابقا تغيرت، وأطاح القانون الذي ستجري بموجبه انتخابات مايو المقبل، بالنمط القديم من التحالفات، لأن إكمال اللائحة في الماضي كان يعطي قوة لها تساعدها على الفوز، جراء تجميع الاصوات المؤيدة للمنخرطين فيها في عداد واحد، وتفوز اللائحة بكاملها اذا حصلت على 51% من اصوت المقترعين.

بينما في القانون الحالي الـ51% من الاصوات قد تحصل على نصف عدد المقاعد فقط.

وهذا الامر يجعل من بعض التحالفات متعذرة، وقد يلجأ الحلفاء الى الترشح في لوائح متقابلة، ضمانا لاستثمار اصواتهم التفضيلية، لأن الثلث الاخير من اسماء اي لائحة، سيكون بطبيعة الحال عرضة لخطر السقوط.

من جهة ثانية، فإن التحالفات التقليدية وفقا للنمطية القديمة، لا يمكن اعتمادها في القانون نصف النسبي الحالي، إلا اذا ضمنت الاطراف المتحالفة منع منافسيها من الحصول على "الحاصل الانتخابي" وهذا متعذر حصوله في اي دائرة من الدوائر الـ 15، ربما باستثناء مناطق نفوذ امل وحزب الله في الجنوب وبعلبك الهرمل. 

تحالف المرشحين المستقلين الذين يضمنون أصواتاً تفضيلية واضحة، وفقا للولاء العائلي او المنفعي او الطائفي او الحزبي، اصبح نموذجا قابلا لتحقيق بعض النجاح، ولكنه في ذات الوقت سيبعث على إثارة العصبيات اكثر مما هو عليه الحال اليوم، وقد ينتج عددا من الكتل التي ينتمي نوابها الى لون طائفي واحد.

ناصر زيدان - "الأنباء الكويتية" - 29 كانون الثاني 2018

إرسال تعليق

 
Top