0
بعد أن تنفّس اللبنانيون ومعهم أركان المجتمع الدولي، الصعداء، بفعل الاتفاق السياسي الذي أتاح ولادة قانون الانتخاب الجديد وضَرَب موعدا للاستحقاق النيابي الذي أرجئ مرتين، في 6 أيار 2018، في خطوة اعتبرت إنجازا لافتا للعهد الجديد، لم تدم "الفرحة" طويلا، اذ عاد الحديث في الأسابيع القليلة الماضية عن محاولات لتطيير الانتخابات، محرّكا معه مخاوف الداخل والخارج من إمكانية اطاحة الاستحقاق مجددا. 

مصادر سياسية مراقبة تقول لـ"المركزية" إن الكباش المستعر بين الرئاستين الاولى والثانية هو الذي أعاد الى الساحة المحلية، الكلام على تأجيل الانتخابات. فرئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل طلب في الأيام الماضية إدخال تعديلات الى قانون الانتخاب تُعنى بالبطاقة الممغنطة وبتمديد مهلة تسجيل المغتربين، الامر الذي رفضه رئيس مجلس النواب نبيه بري بحزم، معتبرا انه مدخل الى تطيير الانتخابات.
واذ تلفت الى أن التراشق في التهم هذه، هو جزء من المواجهة المفتوحة بين التيار وأمل، خصوصا ان الفريق الاول لا يمكن ان يقبل بتأجيل الانتخابات لادراكه حجم الآثار السلبية التي ستتركها خطوة كهذه في جسم العهد "العوني"، فإن أوساطا سياسية أخرى لا تستبعد عبر "المركزية"، وجود نيات لدى جميع الاطراف السياسيين بتطيير الانتخابات، معطوفة الى عدم حماسة بعض الجهات الدولية للاستحقاق. 

في الشق الداخلي، توضح الاوساط ان المكونات المحلية، بمعظمها، وبعد أن دققت في القانون وتمحصت فيه، لم تجد أنه سيؤمن مصالحها، بل على العكس، سيُفقدها مقاعد كانت في حوزتها ويجيّرها لخصومها. أضافة الى ذلك، أن المال الانتخابي الذي غالبا ما تلجأ اليه القوى السياسية إبان الاستحقاق، غير موجود حاليا أو هو شحيح ونادر، الامر الذي لا يريحها. وليزداد الطين بلّة، الخلافات السياسية في أوجها، حتى بين من كانوا الى الامس القريب، أهل بيت واحد. ويعقّد هذا الواقع، على القوى السياسية، مهمّة نسج التحالفات ورسم صورتها في الاستحقاق المرتقب. والى هذه العوامل التي تقضّ مضاجع الاطراف السياسية وتخيفها من الاستحقاق المقبل، ثمة بحسب الاوساط، عوامل خارجية لا تساعد في اجراء الانتخابات. فالقلق الخليجي - الغربي كبير في الواقع، من أن يعطي القانون النسبي في صيغته الحالية، الاكثرية النيابية في البرلمان لحزب الله وحلفائه، خصوصا ان دراسات عديدة أجرتها شركات استطلاع أظهرت ان الحزب هو الفائز الاكبر في القانون الجديد. وما يعزز حظوظ الاخير في تحقيق نصر واسع في الانتخابات، هو انفراط عقد قوى 14 آذار والتباعد بين مكوناتها. وتقول الأوساط ان المجتمع الدولي عموما والولايات المتحدة والدول الخليجية خصوصا، لا تحبّذ فوز "حزب الله" بالانتخابات التي ستعطيه، ومن الباب العريض هذه المرة، مفتاح ادارة البلاد، فيما هي تسعى الى تطويق نفوذه ومحاصرته أكان اقتصاديا او عسكريا او سياسيا. ومع ان الاوساط تشكك في امكانية ان يدفع الخارج في اتجاه عرقلة الاستحقاق، فإنها لا تسقط من حساباتها احتمال الا تجرى الانتخابات قبل معرفة طبيعة التسوية الكبرى التي يتم حاليا العمل عليها لازمات المنطقة، ولا سيما التسوية السورية، وقد يطال هذ التعليق أيضا، الانتخابات النيابية العراقية، على ان يصار الى فرز الطبقات السياسية وموازين القوى ومراكز النفوذ في هذه الدول، في ضوء صيغة التسوية العتيدة وطبيعة الحل في المنطقة. فهل يعقل مثلا ان يستهدف الخارج حزب الله ويقبل بسيطرته على الغالبية المجلسية؟ 

وعليه، تسأل: هل تطيح مخاوف الداخل والخارج انتخابات أيار؟ أم تتخطى القوى السياسية خلافاتها وتتمسك باجرائها في موعدها مهما كانت النتائج؟ كل شيء وارد، تختم الاوساط.

"المركزية" - 19 كانون الثاني 2018

إرسال تعليق

 
Top