0
لا يبدو ان قيادات طرابلسية وتيارات سياسية متحمسة لاجراء انتخاب فرعي لملء المقعد الارذوكسي الشاغر في طرابلس اثر استقالة النائب روبير فاضل، ولم تشهد الساحة الطرابلسية اي حراك في هذا السياق حتى اليوم من قبل معظم الفرقاء والتيارات التي تبدو انها متخوفة من نتائج هذه الانتخابات التي تسبق الاستحقاق الانتخابي الفرعي في ربيع العام المقبل والذي يحكى عن تمديد تقني لها قد يمتد الى خريف العام نفسه.
 
وحده الوزير المستقيل اللواء اشرف ريفي بدا متحمسا ومتشجعا لاجراء هذه الانتخابات الفرعية وقد سارع الى رفع كتاب لرئاسة مجلس الوزراء طالب فيه بإجراء الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان تطبيقا للمادة 45 من قانون الانتخابات رقم 25/2008 والذي نص على اجراء الانتخابات لملء المقعد الشاغر خلال شهرين من تاريخ الشغور.
حسب مصدر سياسي طرابلسي ان حماسة ريفي لاجراء الانتخابات الفرعية ليست عبثية، وليست من فراغ، وهو اللواء الخبير في شؤون الساحة الشعبية الطرابلسية والمتابع الدؤوب لنبض الشارع الطرابلسي، عدا كونه اختبر حجم شعبيته في الانتخابات البلدية التي مضت والتي اعتبرت «تسونامي» الانتخابات الحديثة غير المعهودة في طرابلس، وبالتالي اعتبرتها اوساط سياسية طرابلسية انها مؤشر الى المزاج الشعبي الطرابلسي الذي يؤسس للمشهد السياسي والانتخابي المقبل سواء جرت الانتخابات الفرعية او الاستحقاق الانتخابي المقبل في العام 2017 ، وهو مشهد اعاد تشكيل القوى السياسية في طرابلس وادى الى أن يشعر ريفي بفائض من القوة، بل ان استطلاعات رأي جرت مؤخرا اكدت ان شعبية ريفي محلقة وتتقدم على الآخرين حسب هذه الاستطلاعات من جهة، وحسب انصاره الذين يتحلقون حوله ويتوافدون اليـه من كافة محاور طرابلس واحيائها الشعبية والتي بدت انها ممسوكة جيدا منه لعدة اسباب ابرزها:
اولا: انه احسن التعامل مع الشرائح الشعبية وتلبية مطالبهم وحاجاتهم منذ أن كان ضابطا في طرابلس وصولا الى منصبه كمدير عام لقوى الامن الداخلي فقدم لكل صاحب حاجة ما يحتاج اليه ولم يغلق ابوابه في وجههم.
ثانيا - يسرع الى الناس ليكون وسطهم في الملمات بخاصة خلال احداث طرابلس المؤلمة .
ثالثا- يتقن فن مخاطبة الناس والولوج الى عواطفهم ومشاعرهم والتحدث بلغتهم.
هذه الاسباب وغيرها جعلت من ريفي رقما صعبا في المعادلة الطرابلسية وفي اي استحقاق انتخابي ولا يمكن خرقه بسهولة الا من تيار سياسي يوازيه قوة.
ويرى المصدر السياسي الطرابلسي في دردشة معه ان اصرار ريفي على اجراء انتخابات فرعية في طرابلس هو سعيه ليؤكد للرأي العام الطرابلسي بخاصة واللبناني عامة وليوجه رسالة لجميع القوى والتيارات السياسية كافة لا سيما تيار المستقبل وحلفائه ان فوزه في الانتخابات البلدية لم يكن « فلتة شوط» بل هو نتاج تراكم شعبي مناصر لمواقفه ومؤيد له منذ انخراطه في العمل السياسي وثباته على مبادىء 14 آذار وتجسيده للاصولية الحريرية ومواقفه من حزب الله، ومن ترشيح العماد عون والوزير فرنجيه.
 
وبحسب المصدر السياسي ان ريفي سيعمل على تشكيل لوائح انتخابية ليس في طرابلس والشمال وحسب، انما في بيروت والبقاع والجنوب ايضا، وان لائحته الانتخابية ستكون الذهبية والاولى الى ما يشبه «المحدلة» التي يصعب على اي تيار اختراقها وما يصح في الانتخابات الفرعية يصح في الانتخابات المقبلة باستثناء الرئيس ميقاتي الذي وحده يستطيع تحقيق الخرق بما يتمتع من تمدد شعبي واسع في طرابلس والمناطق الشمالية عدا كونه رقما صعبا سياسيا وانتخابيا في طرابلس وتواصله الشعبي في جولات للاحياء، وقد يفرض عليه تحالفا بينه وبين ريفي حيث ليس في المعارك الانتخابية ما يمنع ذلك رغم فارق الشبه بين القطبين الطرابلسيين.
 
اذا كان لدى الرئيس نجيب ميقاتي وتياره قدرة اختراق كتلة ريفي فان هذه القدرة والامكانية غير متوافرة في قيادات وتيارات سياسية اخرى لا سيما الوزير السابق النائب محمد الصفدي او النائب محمد كبارة او تيار المستقبل...
 
فغياب الصفدي عن الساحة الطرابلسية باستثناء اطلالاته القليلة في مناسبات مخملية غير مجدية انمائيا وابتعاده عن التواصل اليومي مع الناس والاستماع الى مطالبهم وشكاواهم ادى الى تدني شعبيته الى درجة جعلته اضعف قيادات المدينة على المستوى الشعبي سيما ان انشطة مركزه تقتصر على برامج ثقافية وفنية غير متصلة بشؤون وشجون الناس الامر الذي وسع الهوة بينه وبين الشارع الطرابلسي الى درجة ان خوضه لاي استحقاق انتخابي محكوم بالفشل المسبق لتناثر شعبيته وتوزعها بين التيارات المحلية، فيما يسعى كباره لاسترداد قواعده الشعبية التي بدأ يفقدها في الآونة الاخيرة لكنه عبثا يحاول ذلك منذ انخراطه في مشروع الرئيس الحريري وانتخابه العماد عون، وقد انفصل فجأة عن مواقفه السابقة المنسجمة مع قواعده الشعبية وفاجأها بانقلابه السياسي لمصلحة وعد تلقاه بمنصب وزاري ووعد بتبني نجله في الانتخابات المقبلة، فخسر شعبيته بخاصة ان الرئيس سعد الحريري نجح في تذويب قاعدة كبارة الشعبية وتحول معظمها نحو ريفي او نحو ميقاتي واصبح كباره اليوم الحلقة الاضعف هو والصفدي بين القوى السياسية الطرابلسية.

جهاد نافع - "الديار" - 5 كانون الأول 2016

إرسال تعليق

 
Top