0
في وقت احتفل لبنان بعيد الاستقلال الذي أعاد إلى الدولة بعضا من هيبة افتقدتها على مدى عامي الشغور، كثر الكلام عن اتجاهات إلى إنشاء نوع مما يمكن اعتبارها "جيوشا رديفة" (أبرزها سرايا التوحيد التي أعلن عنها الوزير السابق وئام وهاب)، يقول أصحاب الفكرة إنها تهدف إلى المساهمة في حفظ الأمن في البلد. غير أن هذه "الجيوش" التي اعتبرها البعض ميليشيات تعدّ، في توقيتها رسالة قوية (يراها كثيرون نكسة صريحة) للعهد الجديد الذي لم تقلع محركاته حتى الساعة بفعل التأخير في تشكيل الحكومة، ما يحعل الأنظار تتجه إلى ما اعتبر "قوى سيادية" نادت ولا تزال بحصرية السلاح في يد الجيش، وبينها الكتائب.

وفي السياق، اعتبر نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ أن هذه "السرايا إشارة كبيرة إلى أن مفهوم سرايا المقاومة ومتفرعاته خارج على السيادة اللبنانية. ذلك أن هناك من يريد إنشاء ميليشيا لا نعرف الأهداف التي تخدمها، في وقت يدعو الجميع، ونحن أولهم، إلى الالتفاف حول العهد. ومن موقعنا نقول إن لا يجوز إلا الالتفاف حول الشرعية اللبنانية.

ولفت الصايغ إلى "أننا في عطش إلى الشرعية التي تمثلها المؤسسات الدستورية، كائنا من كان على رأسها، والولاء للوطن ومؤسساته، لا للأشخاص. هذا البلد تواق إلى دولة الحق والقانون، وإلى تطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين"، مشددا على أن "لا يجوز أن تكون هناك قوة في لبنان غير الجيش اللبناني. وفي وقت يؤكد فيه هذا الجيش يوميا قوته على الحدود وفي حفظ الأمن في الداخل، يبدو وكأن المطلوب، لا سيما في هذا التوقيت، إعطاء إشارة مختلفة إلى أن لا سيادة حقيقية، وفي ذلك محاولة لضرب مصداقية العهد الجديد، وإستكمال إرساء معادلة قوة داخلية جديدة في الجبل، لا بد من التعامل معها، ونحن لا نستطيع أن نتصور قيام ميليشيا في أي مكان من لبنان من دون غطاء واضح وصريح من حزب الله".

في مجال آخر، أحيا الكتائب ذكرى الوزير الشهيد بيار الجميل، في قداس اعتبر الحشد له رسالة واضحة من النائب سامي الجميل إلى المعنيين بتأليف الحكومة العتيدة. وأكد الصايغ أن "هذا الحشد يدل إلى أن حزب الكتائب مؤسسة، علما أن هذه الجماهير أناس كل فئات المجتمع، وهي نتيجة عمل ماكينة منظمة تعرف كيف تتواصل مع القاعدة الشعبية الكتائبية. ثم إن الذكرى في ذاتها تأتي للتذكير بكل أحلام اللبنانيين وخيبات أملهم، فيما هم مصرون على التمسك بالرجاء وإمكان تخطي حال الانكسار، في وقت نشهد نوعا من التسليم بالأمر الواقع. لذلك، علينا أن نتخطى موازين القوى إلى موازين القيم لنجد قوتنا، علما أن القيم تستطيع أن تأتي بميزان القوى".

وأشار إلى أن "الناس أكدوا أن لا يجوز القفز فوق رأيهم، وأنهم مستعدون للمحاسبة، وفي مقابل الضغط الكثير على الكتائب للقبول بها ، أكد الحزب أمس أن في المعادلة الشعبية، الكتائب موجودة تماما كما هي حاضرة بقوة في معادلة القيم".

وفي ما يخص مسار تأليف الحكومة، أعلن "أننا نطالب بأن يكون المعنيون بتأليف الحكومة صادقين. ذلك أن عندما يقال إن الحكومة ستكون حكومة وحدة وطنية، فليكن. إنطلاقا من هنا، فإن أي فريق وزاري من دون وجود كتائبي معزز كما يجب، لا يكون حكومة وحدة وطنية، بل حكومة قسمة وطنية وتقاسم حصص، فيما يحرص الجميع على ارسال الرسائل إلى الخارج تفيد بأن الشمل السياسي سيلتم في حكومة الوحدة الوطنية".

وإذ كشف أن كلاما كثيرا ومتناقضا يصل إلى الكتائب، إلى حد قول البعض إنها لا تدخل في بعض الصيغ، لفت إلى أن "لا يجوز التعامل بهذا الشكل مع الكتائب. ذلك أننا لسنا مجرد كرة يتقاذفها الجميع. إن كنا نعتبر أن هناك فترة سماح، فإننا ننبه إلى أن الوقت بدأ يداهمهم. وما عرض أمس ما هو إلا مقدمة لما سيأتي، ونكرر أن اعتمادنا سياسة اليد الممدودة لا يأتي من موقع ضعف، ونحن لا نستجدي أي مقعد وزاري أو نيابي".

وعن العلاقة على خط بعبدا-الصيفي نبه إلى أن "هناك علاقة من المفترض أن تبنى بصدقية، لا بفوقية، مع التيار الوطني الحر. ويجب أن ننتهز فرصة العهد الجديد، غير أن هذا لا يعني التعامل بانتهازية مع الآخرين. واليوم نقول إن الجميع أمام فرصة لنعيد التفكير في كيفية بناء المصلحة المشتركة".

"المركزية" - 23 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top