0
اذا كنا نؤمن بلبنان بلداً ديموقراطياً، فاننا نرتضي بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اذا سلك الطريق الديموقراطية، أي الانتخاب في مجلس النواب، وحصل على الاكثرية النيابية التي تحمله الى قصر بعبدا. فالديموقراطية تفترض ان نقبل النتائج أيّاً تكن، وان نتوجه الى القصر للتهنئة واتاحة الفرصة للرئيس الجديد لتنفيذ خطته، وترجمة رؤاه، بل مساعدته ما أمكن، لان البلاد، كل بلاد، تحتاج الى رئيس والى انتظام عمل المؤسسات.
 
لكننا نعيش في لبنان واقعاً مختلفاً لا يشبه الديموقراطية في شيء، بل يستمر زمن الوصاية السورية التي تحكمت بالرئاسة طويلاً، ليأتي "حزب الله" اليوم، فيرث الدور، ويقول للبنانيين وللعالم "إما ان تنتخبوا ميشال عون رئيساً وإمّا لا رئيس".
 
وقد كررها نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم امس بقوله إن "الأيام أثبتت أن طريق رئاسة الجمهورية محددة. فمن أراد أن ينتخب رئيساً للجمهورية ليس له إلاّ اتجاه واحد يوصل إلى رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون ولن تستطيع الدول الكبرى والإقليمية ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية أن تعدّل هذا المسار وقد جربوا أكثر من سنتين ولم يحققوا أي شيء وما زلنا في بداية الطريق وبالتالي لن تتمكن تطورات المنطقة سواء أكانت سلبية أم إيجابية من أن تغيّر هذا المسار في لبنان".
 
لا أعلم ما اذا كان الحزب يرى انه يخدم العماد عون بهذه الطريقة الاستفزازية والفوقية التي لا تقيم لاي جهة في البلد أو خارجه اعتباراً، أم ان الحزب يعتمد سياسة حرق العماد عون بهذه الطريقة التي تزيد تشبث الآخرين، ان بترشيحاتهم، او برفضهم له، ليبلغ مرحلة يقول له فيها "اتممنا واجبنا، ولم نستطع شيئاً".
 
يفترض الواقع في الحزب، اذا كان حقاً يريد العماد عون رئيساً، ان يفاوض من أجله لا ان يعتلي المنابر متحدياً كل الاخرين، حتى الذين يمكن ان يلاقوه الى منتصف الطريق، خسرهم في الخطوة الأولى.
 
وعليه ثانياً ان يخفف لهجته الحادة تجاه الدول العربية فلا يشبعها تهديداً ووعيداً واهانات، ثم يطلب منها عدم الاعتراض على مرشحه الرئاسي، هذا اذا كان المرشح مقبولاً لديها في الحد الادنى.
 
ما يفعله الحزب حالياً يسيء الى العماد عون وتاريخه النضالي وعلاقاته الداخلية والخارجية، ويدفع به الى الرفض المقابل، ويؤسس له لعهد يكاد تعثره يسبق نجاحاته اذا ما أمكن ايصاله مرشح تحد لا مرشحاً توافقياً.
 
ولكن لماذا يقبل العماد عون بكل هذا؟ وهل يدرك جيداً ما يعنيه "أنا أو لا أحد" في تاريخ الشعوب والدول؟


نايلة تويني - "النهار" - 19 أيلول 2016

إرسال تعليق

 
Top