0
في الحلقة السابعة والعشرون من مذكرات العميد الركن المتقاعد جورج نادر التي ينشرها موقع "ليبانون ديبايت"، كشف العميد نادر عن تفاصيل هروب الارهابي شاكر العبسي من مخيم نهر البارد، خلافاً لكل الاتهامات التي سيقت بحق الرئيس ميشال سليمان "قائد الجيش وقتذاك"، أنه هو، من هرّب العبسي ليصبح رئيساً للجمهورية، وهذا ما دفع بالرئيس سليمان إلى تقديم دعاوى عدة بحق من ساق هذه الاتهامات، عُرف منها الدعوى المقدمة على منسق عام التيار الوطني الحر بيار رفول، الذي كرر عشرات المرات ان "ميشال سليمان هرّب العبسي تا يعمل رئيس".

شهادة للتاريخ
ومما قاله العميد نادر انه "في الأول من ايلول، تقدّمت وحدات الفوج بشكل لم أكن أتوقّع، إذ إحتلّت عدّة مبانٍ لم تكن ملحوظة ضمن اهداف اليوم، وخوفاً من انفلاش العناصر، استنفرت سرايا الفوج لتدعيم المراكز المحتلّة والإبقاء على احتياط لمواجهة الطوارىء، كون عديد السرايا المهاجمة لا يكفي لتعبئة المراكز".
وتابع: وصلت سرية الدعم في الفوج إلى قرب 50 متر من "الحاووز"، وهو خزّان المياه الأساسي للمخيّم ويقع على تلّة في وسط البقعة.. افدت العميد (فرنسوا) الحاج عن الخطوط الجديدة المحتلّة، لم يصّدق، وكلّف المقدم "بيار النغيوي" من مكتب القائد (العماد ميشال سليمان) والذي كان مفصولاً إلى قيادة الجبهة، والمقدّم "طالب الشبيب" من مخابرات منطقة الشمال، والمقدّم "سامي الحويك" قائد القوة الضاربة في مديرية المخابرات، للتحقّق من صحّة الإفادات بواسطة جهاز تحديد الإحداثيات GPS.
إتصل به المقدم النغيوي: "سيدنا، المجوقل وصل مطرح ما قلك العقيد نادر".
إتّصل بي العميد حاج ضاحكاً: "بالأول ما صدّقتك، برافو عليك أنا مش متوقّع منك الا هيك"
"سيدنا إزا أخدت الحاووز شو بيصير ؟"
"بتخلص مهمتك، لأنو بيكون سقط المخيّم"
"أمهلني 48 ساعة بيكون الحاووز معنا"
ولم تمضِ الـ48 ساعة، بل في الليلة التالية حاول المسلّحون "فك الطوق بالتسلّل" والخروج من المخيّم

حقيقة هروب شاكر العبسي
من إفادات الأسرى لاحقاً، تبيّن أن المدعو "شاكر العبسي" قد جمع ما تبقّى من مسلّحيه، وكان عددهم 114 تقريباً، ووزّع عليهم "الغنائم" من اموال وجواهر وحلى، وأمرهم بحلق اللحى ثم بالتسلّل من حيث يستطيعون عبر خطوط الوحدات، ولكي لا يُحدثوا الضجيج، إستخدموا "الفرش" ومدّوها فوق الركام . وكان ذلك ليل 1 - 2 ايلول 2007.
"سيدنا، قتلنا مسلّح بالقطاع" إفادة السرية الرابعة التي تتمركز في النسق الثاني، وإحتياط الفوج..
مسلّح في البقعة الخلفية للفوج، يعني أن هناك عملية تسلّل.
"مربض الهاون أطلق النار على مسلحين وقتلهما "
إذن هي عملية فرار أو تسلّل كبيرة وجماعية.
على جهاز الإرسال، أعطيت فوراً ألأمر: "كل العسكر بالآليات واللي بيمشي ع الأرض بيكون عدو.." لأنه يصعب التمييز بين العسكريين والمسلّحين ليلاً، فنحن لا نملك وسائل رؤية ليلية، لذلك كان وجوب اعتماد هذا الحل.
العميد (أنطوان) بانو قائد الجبهة بقي على إتصال دائم لمعرفة ما يجري،
"شو عم بيصير عندك، شو وضع العسكر، شو في خسائر، وشو في قتلى من المسلحين.. وين صارو، عندك اسرى؟ الخ"..

المغاوير عم يطاردو مجموعا تسلّلت وصارو بوادي السمك.
صباح الثاني من أيلول كان عدد المسلّحين الذين تمكّن الفوج من قتلهم يفوق الـ34 ، وعدد الأسرى حوالي 9.
مجموعة مسلّحين تسلّلت واحتلّت بناية قريبة من قيادة الفوج، كلّفت السرية الثانية القضاء عليهم.
أفاد النقيب "سايد شحاده" آمر السرية: "ثمانية مسلّحين قُتلوا وسُحبت جثثهم". وكانت المفاجأة وجود بندقية م4 مع أحدهم.
رجعت بالذاكرة أسبوعاً إلى الوراء، وتذكرت إفادة أحد الأسرى الذي أُلقي القبض عليه وهو يحاول الهروب سباحة في شاطىء العبدة : "قال لنا شاكر العبسي، قد ضاقت الدنيا بنا، وكان دائماً يتباهى بحمل بندقية م4 الخاصّة بالرقيب المغوار الشهيد "عبّاس كموني" من فوج المغاوير والذي تمكّن المسلّحون من سحب جثته والإحتفاظ ببندقيته ألأميرية نوع م4.
أفدت العميد الحاج : "بندقية م4 رقم (............) وجدناها مع أحد المسلّحين"
بعد دقائق أعطى الأمر: "سلّمها للمغاوير هيدي بندقية عبّاس كموني"
عند التاسعة تقريباً إتصل بي مدير المخابرات العميد "جورج خوري": "شو في عندك؟ مزبوط قيادة الفوج مطوّقا؟"
"شو قلت سيدنا؟ المجوقل ما بيتطوّق، كان في كم مسلّح قضينا عليهن".
بعد ربع ساعة عاود الإتصال ونبرة صوته تنمّ عن عدم تصديقي: "جورج.. حدّي العماد (سليمان) قائد الجيش عم يسمعك، خبّرني شو في عندك".
أعدت الإفادة السابقة وزدت: "عدد القتلى صارو تقريباً 40 والأسرى 12 والوضع ممتاز، خسائر: لا شيْ".
بعد قليل وصل العميد الحاج: "أنتو شرف الجيش، ألله يقويكن، المغاوير ومغاوير البحر واللواء الخامس عملو شغلن، خلصت المعركة.. وسقط المخيّم".
ويتابع العميد نادر روايته: للأمانة والتاريخ، فإن فوج المغاوير وفوج مغاوير البحر ولواء المشاة الخامس ووحدات من أفواج المدرعات الأول والثاني والمدفعية الأول والثاني والهندسة والأشغال المستقلً والقوات الجوية والبحرية، كل هؤلاء العسكريين قاتلوا بشراسة واندفاع وسقط منهم شهداء وجرحى وإستبسلوا منذ الأيام الأولى لزجّهم في المعارك وحتى سقوط الإرهاب، ولا بد لي من ذكر ضباط ورتباء وافراد ومجنّدي الفوج المجوقل، فرداً فرداً، وأشكرهم على اندفاعهم وإخلاصهم لفوجهم وجيشهم وأقول لهم: إنني أعتـزّ وأفتخر بقيادة هذا الفوج النخبة، ولولاكم لما استطعت القيام بشيء، فأنتم، ورفاقكم في الوحدات المشتركة في القتال، اصحاب النصر، وأنتم وإياهم شرف الجيش وفخر الأمة اللبنانية.

ريكاردو الشدياق - 19 نيسان 2016
 

إرسال تعليق

 
Top