0
من يدخل مبنى وزارة الشباب والرياضة في منطقة العدلية يلاحظ ان ثمة ترتيباً طرأ على المدخل والمصعد وصولاً الى الطبقة السابعة حيث مكتب الوزير العميد عبد المطلب الحناوي، الذي يستقبل ضيوفه بابتسامة وتواضع وينطلق في الحديث من السياسة قبل أي شيء.

كثر اعتقدوا ان "الوزير الملك" جاء ليمضي فترة قصيرة في الحكومة الائتلافية، لكن الحناوي خلع بزته العسكرية وشرع في سبر أغوار الرياضة المحلية بملفاتها الشائكة وألغامها الكثيرة. وهنا يوجه الوزير رسالة لوم وعتب الى الإداريين الذين احتموا بمظلة السياسيين وجاؤوا بالسياسة الى غير مكانها، لتفقد الملاعب الروح الرياضية وتسيطر العصبيات السياسية والطائفية.
 
"لا أفرق بين شخص وآخر واتعاطى مع الجميع على نحو انساني من دون معرفة أصلهم وفصلهم". بهذه العبارة استهل الحناوي حديثه إلـى "النهار" وأضاف: "كنت أعتقد ان الروح الرياضية هي المسيطرة على الرياضة اللبنانية، إلا أنه ويا للأسف وجدتها في الدرك الأسفل من السياسة. لقد رمى الرياضيون بأنفسهم في أتون السياسيين، وهذا أكبر خطأ وجرح في الجسم الرياضي اللبناني، وانا بطبيعة حياتي العسكرية وعملي، أنظر الى الرياضة كرياضة فقط. إلا ان الثقافة الرياضية غير موجودة تماماً عند الرياضيين (إداريون ولاعبون) وكذلك الجمهور".
 
ويعود الحناوي بالحديث الى الدور النهائي لبطولة كرة السلة بين فريقي الرياضي والحكمة وماجرى: "لاعبان أجنبيان اختلفا في أرض الملعب، وبثوانٍ أصبح المشكل طائفياً، لذا تترتب المسؤولية على الاتحادات والنوادي تجاه الجمهور، إضافة الى رابطات المشجعين. والحل ليس عند القوى الأمنية وحدها".
 
ويرى الوزير ان الحكم استمرار، وهذا ينطبق على وزارته اذ لا يمكنه ان يبدأ من الصفر لدى تسلمه حقيبة وزارية. وقال انه عمد منذ اللحظة الأولى لتسلمه المنصب الى الاطلاع على كل ما يتصل باختصاص الوزارة واهتماماتها، وأخضع كل الأمور للقوانين المرعية الاجراء، على قاعدة ان لا شيء فوق القانون، وخصوصاً ان القطاع الرياضي والشبابي في حاجة الى رعاية وتطوير دائمين. وكشف ان هذا الأمر "لم يرق البعض ممن اعتادوا تجاوز القانون".
 
يتقيد الضابط الستيني بالقانون بحذافيره ولا يحيد عنه، ويقول: "تعلمت في المؤسسة العسكرية كيفية اتخاذ القرار، وانا أعرف هذا الأمر ولا أحد يملي علي ما أفعله سوى ضميري. لذا انا سيد نفسي واتعاطى مع كل الملفات وفقا للقوانين والأنظمة والمراسيم من دون اي حسابات أخرى. وبهذه الطريقة حاولت معالجة كل الشوائب التي اعترضت مهماتي وتخطي الألغام الكثيرة، مع اعتماد اسلوب النقاش والتعاون مع الجميع. وأؤكد ان الوزارة لن تكون طرفا، بل هي حاضنة وراعية للجميع بروح من الايجابية البعيدة من اي رواسب تأخذ الرياضة الى غير مكانها".

المساعدات المادية
المساعدات "طبق رئيسي" في الحديث مع الوزير، الذي يشدد على ان هذا الباب من النفقات خضع لآلية تقوم على قاعدة ان المساعدة على قدر الانجازات وعلى قدر اهتمام حائزيها بالشباب. وأضاف:"أبعدت هذا الأمر عن كل تدخل يبخس نوادي أو جمعيات رياضية وشبابية وكشفية حقها. وعمدت الى تعميم المساعدات على كل المناطق بما يشجع على القيام بنشاطات هادفة". وتناول موضوع صرف المساعدة الخاصة بنادي عمشيت قائلاً: "دعمنا منشأة النادي أسوة بنواد كثيرة نالت مساعدة بقيمة مماثلة سابقاً مثل الجبل حاصبيا وتبنين".
 
وأشار الى سعيه في الفترة المقبلة إلى منح المساعدات لكل الاتحادات، لا سيما تلك التي لم تحصل على اي منها في عام 2014 وفق جدول شامل وبشفافية. وقال ان الأولوية ستكون للاتحادات التي تحقق نتائج محلية وخارجية، كما يلحظ الجدول الجمعيات الكشفية.
 
واعتبر ان مرسوم المساهمات استنسابي من دون وجود قاعدة واضحة لتوزيعها. وأعلن ان الوزارة ستقوم بإجراء مسح لكل النوادي "وسيصار الى اتخاذ الاجراءات القانونية وفق الأصول للمخالفين والنوادي الوهمية".
 
يعطي الحناوي أولوية لموضوع الهيكلية الشبابية والرياضية والمراسيم ويقول: "العمل جار على مستوى كل مديريات ودوائر وأقسام الوزارة لتهيئة الظروف الموضوعية، بغية ان تكون جاهزة لطرح هذا الملف على المستوى الحكومي، مع الاقرار بأن الملفات الحساسة المطروحة تؤخر عرض ملفات ذات أهمية ومنها ملف الهيكلية". ويرى انه بمجرد تسميته وزيراً يمكنه قول "الأمر لي في الوزارة شاء من شاء وأبى من أبى، وبالطبع من دون تخطي القوانين التي تحدد عملنا. واتصرف مع الملفات بما يمليه علي ضميري وواجبي الوطني، وانا أمثل المواطن اللبناني الصالح ولست طامحاً إلى أي منصب آخر". ويصف الوزير علاقته بالمدير العام للوزارة زيد خيامي بالجيدة والمحترمة والمنسجمة؟ ويضيف: "المدير العام خبير بالشأن الرياضي وهذا أمر طبيعي بعد مرور عشرين سنة على توليه منصبه وهو قانوني ونظامي. وأثني على عمله ومعرفته العميقة بكل القضايا والملفات".
 
ورداً على سؤال عما تغير في الوزارة منذ توليه حقيبتها، أجاب: "جعلت الوزارة وزارة للشباب والرياضة بكل ما للكلمة من معنى، على رغم الامكانات المتواضعة والميزانية المحدودة. وسأستمر بهذه السياسة حتى آخر دقيقة من مهمتي، كما أحاول العمل بموضوع الانماء المتوازن في الرياضة".

المراسيم والهيكلية
أما عن المراسيم، فيعتبر الحناوي انه لو كانت العلاقة بين الوزارة والاتحادات جيدة لما كانت التعديلات طرحت. ويقول انه ذلل الخلافات وقرب وجهات النظر. "وبالنسبة الى المرسوم الأخير الذي أدخل بعض التعديلات عليه أيام الوزير فيصل كرامي، فقد أرسلته الى مجلس الوزراء لاقراره مع التعديلات".
 
وبسؤاله عن علاقة الوزارة باللجنة الأولمبية والاتحادات سارع الحناوي الى القول: "اللجنة الأولمبية من العلامات المضيئة في الرياضة اللبنانية كونها تسعى دائما الى التطور والتحديث وتحقيق الانجازات، لذا تجد اللجنة ابواب الوزارة مفتوحة لها في كل ما يمكن ان يحقق الأهداف المرجوة للرياضة الوطنية (...) علاقتي جيدة مع رئيس اللجنة جان همام، وهناك تفاهم في الملفات العالقة (...) دعمت نوادي صغيرة على امتداد الوطن، وكذلك البلديات وحتى النوادي الكبرى. كما دعمت الرياضيين المجلين مثل الياس الحداري وناصيف الياس وادوار معلوف".
 
ويفرح الوزير "لاكتشافه بالصدفة ناشئين هما منتصر حمية (13 سنة) على هامش سباق للضاحية في النبطية، والسباح عمر حداد (12 سنة) في النادي العسكري". وهنأ السيدة مي الخليل على نجاح سباق الماراتون الاخير. وكشف انه طلب منها انشاء أكاديمية لتأهيل عدائين في كل المسافات. وتمنى على العائلة الرياضية ان تتلهى باكتشاف الخامات الرياضية الجيدة، "بدلاً من المناكفات التي لا تغني ولا تسمن".
 
وأعلن ايلاء موضوع المنشآت الرياضية أهمية في المرحلة المقبلة، مع تأهيلها وانشاء هيئة خاصة لها مطلع السنة الجديدة.
 
ورأى الوزير الى ان حصول الرياضيين على ضمان صحي أسوة بما حدث مع الفنانين اخيراً هو الحل الأنسب والأمثل، ويكون عبر سياسة وطنية شاملة تقوم على توحيد نظام الطبابة أولاً والاسراع في اقرار قانون ضمان الشيخوخة، بما يؤمن العدالة للبنانيين جميعهم ومنهم الرياضيون.. كل الرياضيين".

أحمد محي الدين - النهار 30\12\2014

إرسال تعليق

 
Top