0
غرابة فريدة من نوعها تحكم استحقاق رئاسة الجمهورية هذه المرة. في الشكل، غلاف لبناني هش يظلل فلكلوريات الاستحقاق، وفي العمق السياسي حماسة عربية ودولية أكثر من متراخية حيال أبرز الاستحقاقات اللبنانية الوطنية تعود الى خلط الأوراق الناجم عن ثورات الربيع العربي وتشظي الشأن اللبناني تحديداً بتداعيات الحرب السورية، ما يوحي بأن اللبنانيين لن يعرفوا الرئيس الثالث عشر لجمهوريتهم قبل أن يعرف الملف السوري حسماً واضحاً ما.
 
من هنا تطل الحاجة الى أولوية لبننة الاستحقاق أيا كانت التداعيات المعوقة لانجازه في الموعد الدستوري، غير أن المشهد السياسي الأوضح يعبر عن حالة بعيدة كل البعد عن مجرد المناداة بإبقاء الاستحقاق الرئاسي ضمن الكباش الداخلي ليشير الى الرئاسة كاستحقاق متسوّل عند أرصفة الأمم ينتظر تبرعا ولفتتة من العواصم المؤثرة في القرار اللبناني، قبل إخراج المشهد الختامي لنواب أمتنا المتأنّقين المتبسمين للإعلام وللعدسات استعدادا لانتخاب الإسم المُعلَّب.

قد يكون الهروب من هذه الصورة المسيئة لأبرز الاستحقاقات الوطنية، ذريعة أن يكون للبنان في النهاية رئيس، لكن الأدهى من الهروب، الإصرار على تظهير صورة المتبرعين شيئاً فشيئاً من خلال العمل على حرق الوقت وإطالة أمد معركة النصاب الذي لن يتحقق على ما يبدو قبل أن يطوف اسم الرئيس المقبل في الكواليس العربية والدولية غير المستعدة بدورها لتحريك اي ساكن في هذا الملف قبل كسب نقاطها كاملة وتحصيل حساباتها في سوريا.

واذا كان الملف السوري ناخباً أساسياً لاسم الرئيس المقبل، فهذه إشارة أكثر من عملية الى أن ما سيعيشه لبنان في الأشهر السياسية المقبلة سيتعدى الفراع ليجدد في جسم الوطن عاهة التسول المستديمة التي اعتادت عليها القوى السياسية في كل مرة تواجه فيها لحظة الحقيقة، مما سطّح تاريخياً هذا الاستحقاق في الوجدان اللبناني وجعل مفهوم التسوية السياسية عنواناً أكثر قربًا وتجانسًا مع تطلعاته المُحبطة على الدوام، بدليل انتظار الشعب اللبناني للوجهة الدولية التي سيطل منها اسم الرئيس المقبل عوض جوجلة الاسماء الواردة في سلة الترشيحات.

وهكذا تنجح القوى السياسية مرة جديدة في رهن أهم الاستحقاقات الوطنية لعامل الوقت الضائع، وهكذا تتحول الرئاسة من رمز سيادة الدولة الى محطة هزيلة تنتظر التبرع..

عمر الفاروق النخال – منبر "ليبانون تايم" 28\4\2014



إرسال تعليق

 
Top