0
قال الرئيس ميشال سليمان إن الحكومة اللبنانية الحالية غفلت عن تمثيل أكثر من 55% من الشعب اللبناني، مستنكرًا عدم مشاركة المستقلين والمجتمع المدني ضمن الانتخابات النيابية وكذلك الحكومة. وفي حواره مع "سبوتنيك"، وصف سليمان ما حدث في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بأنه "أشبه بحرب عالمية"، ووصل لمرحلة تقاسم النفوذ بين الدول الكبرى.
وطالب سليمان من "حزب الله" الالتزام بإعلان "بعبدا"، وتحييد لبنان تمامًا عما يحدث في المنطقة، وكذلك إبعاد لبنان عن محور الممانعة "إيران/ سوريا" لاعتماد الاقتصاد اللبناني على دول الخليج والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذا نص الحوار:
سبوتنيك: في البداية فخامة الرئيس لماذا وصفت الحكومة اللبنانية الجديدة بـ"حكومة التناقضات"؟
سليمان: الحكومة اللبنانية الحالية تتخذ طابع أغلب الحكومات اللبنانية، فهي عبارة عن أكثرية نيابية وتمثيل لأقلية نيابية أيضًا، ينقصها الطرف الثالث المستقل، حيث أن ٥٥٪ من الشعب اللبناني الذي يحق له التصويت، لم يشاركوا في الانتخابات اللبنانية الأخيرة، وبالتالي جاء التمثيل الحكومي يقتصر على الكتلة النيابية الممثلة للتيارات السياسية الكبرى في لبنان، دون تواجد طرف مستقل سياسيا، أو أخر يمثل المجتمع المدني، هذا يعني أن أكثر من نصف الشعب اللبناني لا يتواجد داخل المجلس النيابي أو حتى الحكومة، وكان يجب تمثيل هذه الشريحة الأكبر من لبنان على الأقل بخمس وزارات، ولذلك أطلقت عليها حكومة التناقضات بين الأغلبية النيابية والأقلية النيابية، دون تمثيل أكثر من نصف الشعب اللبناني.
سبوتنيك: إذًا كيف يمكن إقناع التيارات السياسية اللبنانية الكبرى بضرورة تغير المشهد السياسي لمواكبة الديمقراطية في العالم تفاديًا للفوضى؟
سليمان: تحدثنا في مؤتمر القمة العالمية للحكومات المنعقد في دبي عن استشراف المستقبل، وكيفية استعداد الحكومات لمجابهة القادم وتطوراته، بينما في لبنان أمضينا تسعة أشهر للتوافق على تشكيل الحكومة، وهذه ليست المرة الأولى، وقد تكرر الأمر عندما كنت رئيسًا للبنان، هذه الفترات الطويلة من العرقلة والخلاف تضيع من عمر الشعوب وحقوق المواطن، فكم تقدمت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي خلال 9 أشهر، وعن حكومة لبنان يتسائل الجميع كيف يمكن اختيار وزراء تقدموا باستقالتهم سلفًا، ورغم ذلك يوجد في الحكومة الجديدة عناصر وطنية بامتياز منهم كميل أبو سليمان وريا الحسن والدكتورة مي شدياق، وغيرهم، ولكن السؤال الأهم كيف ستتمكن تلك النماذج من اعتماد سياسة وطنية في ظل التجاذبات القائمة.
سبوتنيك: إذًا ما أبرز التحديات التي تواجه هذه الحكومة في ظل ما ذكرته؟
سليمان: التحدي الأبرز تكلم عنه مجلس الأمن في بيان منذ بضعة أيام، وهو تحييد لبنان عن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، أما التحدي الثاني فيتمثل في السلاح غير الشرعي، ثالثا تطبيق ما تم الاتفاق عليه في المجموعة الدولية لدعم لبنان، وأخيرًا إصلاح الفساد ومواجهته، فلا يمكن للحكومة اللبنانية الجديدة المضي قدمًا للمستقبل دون التغلب على التحديات الأربع المذكورة، أيضًا لا يمكن للاقتصاد أن يأخذ مسارًا جاد في ظل ارتباطه بسياسات محور الممانعة مع إيران وسوريا، رغم ارتكاز الاقتصاد اللبناني على دول الخليج وأمريكا والإتحاد الأوروبي.
سبوتنيك: كنت الرئيس اللبناني الأبرز في دعم المقاومة المسلحة اللبنانية "حزب الله" ولكن اليوم تتحدث برؤية سياسية جديدة… لماذا؟
سليمان: أبدًا… عندما حررت المقاومة لبنان عام 2000، اعتبرت أن الواجب يلزمنا التوقف عند هذه المقاومة، ولكن ما هدف المقاومة الحقيقي؟! التحرير من أجل التحرير، أم التحرير والبدء في بناء الدولة، والحفاظ على السيادة، هذا لم يحدث بعد العام2000٠، أنا كنت داعم للمقاومة، ولا زلت أدعمها في حالة كانت تحت سلطة الجيش، وتحت أمر رئيس الدولة في قراري السلم والحرب، لكن الأن حزب الله الذي يشكل المقاومة اللبنانية موجود داخل سوريا في قتال مذهبي وربما ضد طرف إرهابي، ولكن تحت أي مسمى هذه ليست مهمة المقاومة اللبنانية، أتمنى على حزب الله الإلتزام بالتحييد الذي وافق عليه في إعلان بعبدا، وأن لا يذهب لبنان إلى محور الممانعة ولا حتى للمحور الأخر، نريد فقط تحييد لبنان.
سبوتنيك: هناك اختلاف في وجهات نظر وزراء الحكومة اللبنانية حول شكل العلاقة بين سوريا ولبنان… برأيك ما شكل العلاقة النموذجية الواجبة بين الدولتين؟
سليمان: الدستور اللبناني يؤكد على التزام لبنان بالشرعية العربية وأيضًا الدولية، علاقة لبنان بسوريا عميقة وعظيمة وقديمة، ولكن العلاقات الصحيحة تكون بين المجتمعات والمؤسسات، وليست بين الحكومات والأنظمة، لكون الثانية تتغير باستمرار، ونحن ننتظر أن يقول الشعب السوري كلمته، على ضوء الحل السياسي المتفق عليه من جميع الأطراف.
سبوتنيك: أخيرًا كيف قرأت سيادة الرئيس قرار ترامب الخاص بالانسحاب من سوريا؟
سليمان: يوجد في الولايات المتحدة نظريتين، الأولى تتضمن الأمتداد والتوسع في الخارج، أما الثانية تتمثل في الانكفاء داخلياً، وتقوية الاقتصاد والثقافة والعلاقات مع دول العالم، ويبدو أن ترامب يعتمد على الاستراتيجية الثانية، مع الاحتفاظ بتواجد قواته في العراق لمراقبة التطور النووي الإيراني، ما حدث خلال السنوات الماضية يشبه الحرب العالمية، اشتركت في الحرب معظم الدول، وانتقلت الجيوش من مكان لأخر، وحدث سباق تسلح غريب، وإنشاء دويلات غريبة كداعش، وهذا بالطبع يتبعه مواقف ومراحل جديدة، فالآن مرحلة تقاسم النفوذ بين الدول الكبرى، ولا أعلم نوايا هذه الدول حتى الأن، لكن ما أعرفه أن ملف اسرائيل مازال الأهم لهم جميعًا".

هند الضاوي - سبوتنيك - الخميس 14 شباط 2019

إرسال تعليق

 
Top