
وبعدما وصلت عملية تأليف الحكومة إلى الحائط المسدود، حيث أفرغ كل طرف ما في جعبته، فإن المعطيات المتوافرة لـ «اللواء» من أوساط نيابية بارزة في تيار «المستقبل»، لا تشير إلى أي تقدم جدي على صعيد التأليف، طالما أن «حزب الله» أخذ قراره بتعطيل التأليف، متذرعاً بدفاعه عن مصلحة حلفائه سنة الثامن من آذار. وهذا يعني أن التأليف دخل في المجهول، إلا إذا عاد الحزب عن رأيه، وهو الأمر المستبعد، في حمأة اشتداد الصراع الأميركي الإيراني، بعد العقوبات على إيران، وما تلاها من عقوبات بحق «حزب الله» وعدد من قادته ومن بينهم نجل أمينه العام، وهو ما سيدفع الحزب إلى التشدد أكثر داخلياً، وتالياً الامساك بورقة التأليف كأداة ضغط على المجتمع الدولي، ولإظهار نفسه بمظهر القوي القادر على فرض شروطه.
وتلفت الأوساط إلى أنه لا يمكن الحديث عن وجود مبادرة يقوم بها الوزير جبران باسيل، بقدر ما أنه يعمل من أجل تعميم مناخات من التهدئة تسمح بعودة الاتصالات بين الاطراف، لإيجاد مخارج للمأزق القائم من خلال أفكار يجري تداولها بشأن ما يسمى بـ«العقدة السنية» التي افتعلها «حزب الله»، لكن حتى الان لا شيئ محسوماً يوحي بإمكانية الخروج من النفق الذي أدخل الحزب البلد به، بإصراره على توزير حلفائه، طالما أن هذا الأخير ما زال على موقفه المتصلب الذي سيدخل لبنان في أزمة لا يمكن التكهن بنتائجها، في ضوء التحديات الخطيرة التي ينتظرها البلد على أكثر من صعيد.
وإذَا كان «حزب الله» مصراً على عدم القبول بتوزير أحد من خارج النواب السنة المستقلين، كما جرى إبلاغ الوزير باسيل، بعد الحديث عن مخارج محتملة لتسوية يجري الإعداد لها، فإن الأوساط دعت للتمعن في كلام الرئيس المكلف الذي أشار إلى أن التعطيل أكبر من موضوع تمثيل هؤلاء النواب، الأمر الذي يشير بوضوح إلى هناك قراراً كبيراً بعدم السماح بتأليف الحكومة اللبنانية، ليبقى البلد أسير أزماته التي تنذر بتداعيات بالغة السلبية، وبالتالي فإن أي نجاح لتحرك الوزير باسيل مرتبط بمدى تجاوب الحزب واستعداده لإعادة النظر في مواقفه من توزير حلفائه، وإن كانت المؤشرات لا تدل على امكانية حصول أي تغيير يسمح بالإسراع في التأليف.
عمر البردان - "اللواء" - 16 تشرين الثاني 2018
إرسال تعليق