0
تراقب الكنيسة المارونية الأوضاع في لبنان والمنطقة، خصوصاً بعد انتهاء العملية الانتخابية واختيار الشعب اللبناني ممثّليه في الندوة البرلمانية.

لا تريد البطريركية المارونية الدخول في الجدل حول الأحجام والأوزان، وتشدّد على أنّ جميع المسيحيين، كما اللبنانيين، هم أبناؤها، ولا دخلَ لها في الكباش "ما بعد الانتخابي".

وتؤكّد مصادر كنَسية، لـ"الجمهورية"، أنّ مرحلة الاستقرار الأمني التي يتمتّع بها لبنان يجب أن تنسحب على السياسة أيضاً، إذ إنه لا يمكن الاستمرار بإدارة البلد على هذا الشكل"، مشيرةً إلى أنّ موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لا ينبع من رأيٍ سياسي أو موقف مع هذا الفريق أو ذاك، إنّما هو صوت الناس المتألمين الذين لا يجدون آذاناً صاغية".

وتنتقد الكنيسة غيابَ البرامج السياسية لمعظم المرشّحين، وكأنّ الانتخابات نزهة، أو نزاع على الزعامة والكرسي، وليست سباقاً بين المرشّحين لخدمة الخير العام.

وفي صلب حديث الكنيسة صرخةٌ لكنْ ليس هناك من يستجيب، ففي السابق كان الموارنة من دون رئيس جمهورية أو كيان يَحكمونه، وعندما أنشأوا لبنان الكبير، بلغت النزاعات بينهم على كرسي رئاسة الجمهورية حدّاً لا يُطاق، وقد وصَل بهم الأمر إلى درجة الاقتتال والدخولِ في حروب عبثية بين بعضهم البعض أدّت إلى تراجُع دورهم.

لا تُحبّذ الكنيسة الدخولَ في نزاعات جديدة، وترفض حروبَ الأخوة، وهي تعمل من أجل جمعِ الموارنة واللبنانيين، والبطريركُ الماروني يركّز في عظاته على الشؤون الحياتية، على رغم أنه لا يُهمل الشأن السياسي.

إنتهت الانتخابات، وبدأ الحديث عن الاستحقاقات المقبلة، ولعلّ أبرزها تأليف حكومة جديدة، وفي السياق، تكشف المصادر الكنَسية أنّ البطريركية المارونية لا تدخل في الأسماء والحصص والتوزيعات ما بين الكتل النيابية، وما يهمُّها أمران أساسيان هما:


1- حكومة فعّالة تعالج مشاكل الناس وهمومهم
2- تأمين الاستقرار السياسي والأمني في البلاد

وهذا الأمر يتحقّق عبر حكومة وحدة وطنية أو حكومة متجانسة إذا فشلَ الاتفاق على حكومة تضمّ كلّ الفئات.

وتتخوّف الكنيسة من إطالة أمد حكومة تصريف الأعمال وعدمِ الاتّفاق على التشكيلة الوزارية، خصوصاً أنّ كلّ فريق يتمسّك بمطالبه وحصّته، فيما "التوزيعة الوزارية" يجب أن تتمّ وفق قاعدة "الوزير المناسب في الوزارة المناسبة".

وفي السياق، فإنّ الكنيسة المارونية مستمرّة في طرح الصوت وطلبِ حلولٍ في ملفات عدّة، تربوية، واقتصادية، واجتماعية.

لكن في الأساس، هناك ملفّان يجب أن ينالا الاهتمام الكافي، وهما ملف مسيحيّي لبنان والشرق، وأزمة النزوح.

بالنسبة إلى الملف المسيحي، فبكركي مطمئنّة إلى دور مسيحيّي لبنان، لكنّها متخوّفة من عودة الاصطفافات القديمة، و"حرب الأخوة"، فيما الهاجس الأكبر هو إفراغ الشرق من مسيحيّيه.

ومن جهةٍ ثانية، فإنّ الكنيسة تدعو بشدّة إلى حلّ أزمةِ النزوح السوري التي ترهِق البلاد، وهذا الأمر تتابعه بكركي من خلال لقاءات البطريرك الخارجية مع رؤساء الدول والحكومات، لكن الجواب هو دائماً، "إنتظِروا الحلّ السياسي"، وهذا الأمر يزيد المخاوفَ من توطين مخفيّ يضرب الصيغة اللبنانية ويقضي على ميزةِ وجود "بلد الأرز" وتنوُّعِه، خصوصاً أنه يقوم على التوازن الإسلامي - المسيحي.

وبالتالي، يتعيّن على السلطة السياسية الاستجابة لصوت الناس وعدم الاستمرار في السياسات السابقة التي أدّت إلى حدّ الانهيار الاقتصادي والمالي والأمني والسياسي والذي لا يحرم لا بشراً ولا حجراً.

ألان سركيس - "الجمهورية" - 15 أيار 2018

إرسال تعليق

 
Top