0
مما لا شك فيه ان قانون الانتخاب الجديد، ترك بصمات واضحة على التشرذم الذي تعيشه الحركة السياسية في لبنان، لاسيما لناحية "اختلاط حابل الترشيحات بنابل التحالفات" حيث بدت الخارطة مشوهة، ويصعب على الناخبين المحايدين متابعة ما يجري، وبالتالي تحديد موقف من هذه اللائحة او تلك، لأن الخليط السياسي والحزبي الذي تحتويه بعض هذه اللوائح، لا يمكن استيعابه بسهولة.

والابرز من كل ذلك، كان الانقسام الذي أصاب المجموعات التي تنضوي تحت شعارات جديدة، واستفادت من اخفاقات الحكومة في حل مشكلة النفايات إبان العام 2017 على وجه التحديد، اقصد مجموعات "الحراك المدني".

اصاب الانقسام بعض الناشطين من "الحراك المدني" والذين كانوا يطمحون لإحداث تغييرات بنيوية في طبيعة النظام السياسي اللبناني، وهؤلاء يضمرون رغبة باستبدال الطاقم السياسي الحالي بطاقم سياسي آخر، يحارب الاختلال الموجود في مؤسسات الدولة، وعلى وجه الخصوص، محاربة الهدر والفساد، وإزاحة كل من أخفق في اداء دوره، او فشل في حل المشكلات التي تواجه اللبنانيين، لاسيما مشكلة عدم تأمين التيار الكهربائي وارتفاع كلفته، ومشكلة النفايات، ومشكلة المياه، ومشكلة الاختناق المروري وغيرها الكثير.

عند انتهاء مهلة اقفال اللوائح في 26/3/2018، تبين ان المرشحين المحسوبين على "الحراك المدني" ـ كما يحلوا لهم تسمية أنفسهم ـ دخلوا في لوائح متعددة ومتناقضة غالبا، والبعض منهم انضم الى لوائح محسوبة على بعض قوى "السلطة"، كما ان البعض الآخر جاهد لكي يدخل الى جنات اللوائح القوية المدعومة من احزاب يناصبونها العداء.

في اغلبية الدوائر الانتخابية الـ 15، كان "للحراك المدني" اكثر من لائحة، تواجه بعضها البعض، لأنها تأكل من معجن واحد، كما ان بعض افراد هذه اللوائح، استقوى بانتمائه العائلي، او المناطقي لحشد المؤيدين، إبان مرحلة إعلان اللوائح.

بل ان بعضهم وصل الى حد ركوب موجة المبالغة في بعض المطالب الشعبوية، وهي بطبيعتها تتناقض مع أهداف "الحراك" الذي اعلن: ان احد اهم اهدافه الحفاظ على المالية العامة.

ويمكن إعطاء مثال على ذلك في الشعارات التي رفعها بعض الضباط المتقاعدين المرشحين على لوائح "الحراك".

ففي دائرة بيروت الثانية ـ على سبيل المثال ـ هناك 3 لوائح محسوبة على "الحراك المدني" وهي تواجه بعضها البعض، وكانت بالامس القريب تنادي بشعارات موحدة ضد "السلطة" مما ترك انطباع لدى الرأي العام: ان الاهداف الاساسية لبعض افراد الحراك هو الوصول الى مواقع السلطة، أكثر مما هو إحداث التغيير المنشود.

واللافت في تجربة لوائح "الحراك المدني" ان اعضاءها من المرشحين يهاجمون بعضهم البعض على خلفية مصادر التمويل، وعلى خلفية الحسابات الشخصية غير السوية بين بعضهم البعض.

ويمكن تسجيل تصريح المرشحة السابقة على لائحة "حزب 7" المحسوب على صفوف الحراك راغدة درغام، والتي انسحبت من السباق كمثال، حيث قالت: "ان المجتمع المدني لا يقتصر على الذين نزلوا الى الشارع للاحتجاج على الاخفاق في ملف النفايات فقط، في إشارة واضحة الى حالة الانفراد التي يتصرف وفقها بعض قادة الحراك".

قدمت لوائح "الحراك المدني" من خلال تعددها، هدايا مجانية للقوى السياسية والحزبية، وتكاد اللوائح القوية، لا تشعر بتأثير هذا الحراك، ولم يبد حتى الآن ان هذه اللوائح تشكل اي خطر على مرشحي الاحزاب الكبيرة.
كما ان التوقعات التي تصدر عن بعض الخبراء في العملية الانتخابية، لم تشر الى اي احتمال لأي خرق قد يحصل من قبل مرشحي الحراك.

ناصر زيدان - "الأنباء الكويتية" - 7 نيسان 2018

إرسال تعليق

 
Top