0
يعيش لبنان تحت وطأة "هستيريا" الانتخابات. إنّه الموسم، كما يحلو لكثيرين تسميته، ومع كثرة المرشّحين يكثر "المستشارون" و"تُفقَّس" الشعارات والفيديوهات، وفيها من وعود التغيير ما يقدر على تحويل لبنان الى جنّة، على عكس قول الشاعر "لا خَيل عندي أهديكَ ولا مال، فليُسعد النطقُ إن لم تسعد الحال". نُطقُ المرشّحين لا يُسعد بغالبيّته، فليُسعد مالهم بعض من بحاجةٍ إليه. 

ما من حزبٍ أو تيّارٍ أو مرشّح إلا ويَعِد بالتغيير. والحقيقة أنّه لو وصل بعض أصحاب الوعود الى السلطة لبات البلد في وضعٍ أسوأ ممّا هو عليه، إن كان من أسوأ. ولكنّ الغريب فعلاً أنّ الناس، واسمهم في هذه الفترة "الناخبون"، يصدّقون الوعود ويتفاعلون معها، بل وحتى يبرّئون من يدفع المال لشراء الأصوات وهو، في الوقت عينه، يريد التغيير، وهؤلاء كثر في غالبيّة اللوائح. 

سقطت قيمٌ كثيرة في لبنان، وسقط معها المنطق في التعاطي مع الكثير من المسائل. ينسى المرشّحون و"المستشارون" ومعهم معظم الناخبين أنّه ليس من واجب المرشّح أن يدهن جداراً ولا أن يزرع شجراً ولا أن يبيع الخضار ولا أن ينير الطرقات... هذه، بصراحة، سخافة واستخفاف بالعقول. بل من واجبه، إن فاز في الانتخابات، أن يدفع بالسلطة التنفيذيّة، أي الحكومة، لتنفيذ ذلك كلّه وأن يراقب ويحاسب ويشرّع... 

وليس من واجب المرشّح أن يعدنا بلبنان أفضل. ما من أحدٍ وعدنا بلبنان أفضل إلا وثَبُتَ بأنّه أسوأ ممّا سبقه. ومن حارب الإقطاع فعل ما هو أفظع من الإقطاع. ومن أراد الإصلاح انتهى فاسداً، ومن أراد التطوير جعلنا نترحّم على ما كان قبله. 

بلدٌ ينحدر الى أسفل في كلّ شيء. السياسيّون، في غالبيّتهم، كاذبون. المدارس، في غالبيّتها، مؤسسات تجاريّة. رجال الدين، بغالبيّتهم، هم أكثر من يدعونك الى الكفر، وفي الإعلام تجد "اللي يسوى واللي ما يسواش"، كما يقول المصريّون. 

ولكن، لا بدّ من فسحة أمل. سينتهي الموسم الانتخابي قريباً وسيدفع المرشّحون جزءاً من ثرواتهم، إما لشراء الأصوات أو لقاء حملات فيها من الوعود والأكاذيب ما يفوق النفايات المتجمّعة على شاطئنا. 

هناك، بقربها، من يستحقّ الطمر فعلاً...

داني حداد - موقع mtv - 
6 نيسان 2018

إرسال تعليق

 
Top