0
إكتمل عدّادُ اللوائح في دائرة زحلة. عُرِفت التحالفاتُ والأسماء، لكنّ أحداً من أولياء اللعبة الانتخابية لا يرى نفسَه في «منطقة الأمان». إنتهى المشهد على أربع لوائح أساسية قد تحصد جميعُها الحواصلَ الانتخابية بنسبٍ متفاوتة. المعركةُ في زحلة لا تشبه هذه المرة سابقاتِها أبداً.الجميع يتوقع مفاجآتٍ من العيار الثقيل. ولّى زمنُ «الفوز النظيف» والـ «سبعة - صفر» في زحلة.
حتى مساء ليل الإثنين كان الكباشُ لا يزال قائماً في لائحة «حزب الله» والنائب نقولا فتوش على ثلاثة مقاعد: السنّي والأرثوذكسي والأرمني. إعتراضُ آل فتوش بقي قائماً حتى اللحظات الأخيرة على مرشح الحزب السوري القومي الإجتماعي ناصيف التيني (أرثوذكسي)، والذي كان بمثابة تعويض لحزبه بعد سحب مرشحه فارس سعد من لائحة «الثنائي الشيعي» في بيروت الثانية.
إنتهى التفاوضُ بفرض «حزب الله» ترشيحَ التيني على اللائحة، فأتت التسوية على حساب المرشح رافي مادايان، بعدما تمسّك نقولا فتوش بمرشحه المغمور آدي دمرجيان (أستاذ مدرسة غير معروف لدى الأحزاب الأرمنية)، كون الأخير لن ينافسه على الأصوات التفضيلية، فيما ترشيح مادايان الذي يدعمه الحزب وبسبب حيثيّته، كان سيؤثر سلباً على وضع فتوش.
الإشكال على المرشح السنّي حُلّ أيضاً في اللحظات الأخيرة حيث حصل خلاف بين تبنّي عاصم عراجي الذي يدعمه فتوش أو عماد قزعون الذي يدعمه «حزب الله» وبقية أعضاء اللائحة، حيث تمّ التوافق على تبنّي الأخير على اللائحة.
في السادس من أيار سينحصر التنافسُ الفعلي بين أربع لوائح: لائحة «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» التي يدعمها حزب «الطاشناق» الذي سيشارك إقتراعاً وليس ترشيحاً، بعد نيله حصة وازنة في دائرة بيروت الأولى، مهّدت لقبول الحزب الأرمني بالتخلّي عن حصّة «رسمية» له على اللائحة، حيث رسا الخيار على ماري جان بيلازكجيان وليس جورج بشكجيان المحسوب على «الطاشناق». أما بيلازكجيان التي تربطها علاقة جيدة بـ «القوات اللبنانية» فستنضمّ الى كتلة «المستقبل». في المقابل، يُطرح تساؤل أساسي هل سيوزّع «الطاشناق» أصواته أو يلتزم بلائحة العونيين و«المستقبل»؟
يروّج أصحاب هذه اللائحة أنها ستضع يدها على ثلاثة حواصل مع توافر المقوّمات، في رأيها، لمعركة على الحاصل الرابع. لا يبدو الأمر سهلاً في نظر الخصوم. بالتأكيد حصّة «العونيين» تبدو منفوخة، مقارنة بحجمهم الفعلي في الدائرة. الكاثوليكيان ميشال سكاف وميشال ضاهر، مع تأكيد الأول دائماً أنه «حالة مستقلّة» متحالفة مع «المستقبل» و»التيار» من ضمن ثوابت «الكتلة الشعبية» تاريخياً، إضافة الى أسعد نكد (أرثوذكسي) وسليم عون (ماروني وهوالحزبي الوحيد).
لائحة «القوات»- «الكتائب» تعاني من نقطة ضعف أساسية كون رأس اللائحة جورج عقيص الذي رشّحته معراب هو من خارج مدينة زحلة (رياق)، إضافة الى عدم رضى زحلي عن أداء نواب «القوات» على مدى ثماني سنوات. لكن في المقابل، حين يحضر الحديث عن العصب المسيحي في زحلة، تبرز «القوات» في الواجهة. كتائبياً، تفتقر قاعدة الحزب الى الوحدة بسبب جملة من الخلافات الداخلية.
وتشكلّ لائحة فتوش و»حزب الله» عنواناً أكيداً للتنافس على المقعد الشيعي. والحديث عن كون المقعد الشيعي مضموناً لمصلحة هذه اللائحة قد لا يكون بالضرورة دقيقاً خصوصاً أنّ المرشح الشيعي على لائحة «التيار» و»المستقبل» نزار دلول يملك مقوّمات المنافسة مع المرشح أنور جمعة على لائحة «حزب الله».
مع العلم أنّ عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب السابق حسن يعقوب بعدما أكّد نيّته تشكيلَ لائحة أعلن إنسحابَه أمس معتبراً بذلك أنه «يساعد السيد حسن نصرالله لتحقيق الوعد، وهو صاحب الوعد الصادق الذي أخذ موضوعَ رفع الحرمان عن البقاع».
وكان يعقوب قد واجه إحراجاً كبيراً أخيراً بسبب تسريب تسجيلات صوتية له خلال لقاءات إنتخابية تُظهر محاولة الوزير جبران باسيل، كما قال، إستمالته الى اللائحة سابقاً، مع تأكيد الأخير أنّ المرشح الشيعي على لائحة «التيار» ساقطٌ حتماً. إضافة الى هجوم يعقوب، من خلال التسجيلات نفسها، على «حزب الله» وإشارته الى أنّ رئاسة مجلس النواب «ستكون مهدّدة» في حال نجاحه في الانتخابات!.
وتخوض رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف المعركة بلا أيّ قوة مؤازرة حزبية، خصوصاً من جهة «المستقبل» الذي اختار التحالف مع «التيار». وبعدم وجود بلوك حزبي الى جانبها، تبدو معركة سكاف غير مريحة، فيما مؤيّدوها يجزمون بأنّ لائحتها ستحصد حاصلاً يؤهّلها لدخول مجلس النواب.
كذلك سعى «المجتمع المدني» الى تشكيل لائحته الخاصة غير المكتملة (حزب «الخضر»، حزب «سبعة» ومستقلّون).
ويبدو المشهد الزحلي أمام سلسلة معطيات يستحيل تجاوزُها منها عامل المال حيث تبرز أسماء نحو خمسة من أصحاب الملايين، إضافة الى صلة القربى والمعرفة الشخصية لأكثر من 15 مرشحاً يأكلون من الصحن الزحلاوي نفسه، وعدم وجود رؤية مشتركة للأعضاء على اللوائح نفسها، حتى إنّ إحدى اللوائح تجمع بين إسم معروف بارتباطه بتجارة المخدرات وحزب يكافح الفساد والمخدرات، ولائحة أخرى تجمع بين مرشح ملتزم حزبياً مع «محورالممانعة»، وآخر ينتمي الى «المحور السعودي»...
وأمام تماسك البلوك الشيعي نوعاً ماً، والبلوك السنّي أيضاً، خصوصاً بعد خروج اللواء أشرف ريفي من الساحة الزحلية، يبدو البلوك المسيحي مفتّتاً كلياً. لا يبدأ الأمر بالمرشحين المسيحيين داخل اللائحة نفسها والنزاع بين الأحزاب المسيحية وداخلها كما في حالة «الكتائب» بين ايلي ماروني وبول شربل، ولا ينتهي بين المتنافسين على اللوائح تماماً كما بين ميشال فتوش وعمه نقولا فتوش، بين ميريام سكاف وميشال سكاف، بين سيزار معلوف ونقولا معلوف، و»الجارَين» بول شربل وخليل الهراوي... وبالتأكيد فإنّ النزاع على «الصوت التفضيلي» سيحيل أعضاء اللائحة نفسها الى متناحرين على الصوت الواحد!

ملاك عقيل - الجمهورية 27 اذار 2018

إرسال تعليق

 
Top