0
يتعرّض بعض مَن في قوى الأمن الداخلي للظلم دوماً. حين يعدّد السياسيّون والفنّانون وجميع من يظهر على الشاشات التضحيات، يذكرون الجيش ويتناسون قوى الأمن الداخلي، وما لها من تضحياتٍ ودور.


ولكن، في مقابل ظلمٍ تتلقّاه من الآخرين، يتكفّل بعض مَن في هذه المؤسسة بظلمها، على طريقة المثل الشعبي عن "دود الخل"... 
 
في الأمس أُوقف ضابطٌ في مكتب مكافحة الإتجار بالمخدرات كان يعمل سائقاً لدى مهرب مخدرات شهير، لتسهيل مروره. نتذكّر هنا مثلاً شعبيّاً آخر: "حاميها حراميها". ليس الضابط الموقوف الاول على لائحة الضباط الذين يسهّلون تهريب المخدرات أو زراعتها أو تعاطيها، فبعض من يقيم في قرى بقاعيّة يملك قصصاً عن فساد ضبّاطٍ هناك كفيلة بسجن العشرات على الأقل، من الرتب الصغيرة والكبيرة. 
 
وقبل أيّام ألقي القبض على ضابطٍ آخر كان يسهّل التهريب من المطار. تبيّن أنّ الضابط لا يساهم في التهريب فقط بل يتعاطى المخدرات أيضاً. ونِعْم الأخلاق العسكريّة! 
 
ومنذ أيّامٍ أيضاً تسرّب فيديو للموقوف السعودي المعروف بـ "أمير الكبتاغون" وهو يحتفل بعيد ميلاده في أجواء حميمة في ما يُعرف بـ "مخفر حبيش" الذي يستمرّ توقيفه فيه، وليس في السجن، خلافاً للقانون. وتبيّن أنّ "الأمير" يحظى بعناية من "القيّمين" على النظارة تبلغ حدّ تأمين الشموع الحمراء وربما أشياء أخرى لم تظهر في الفيديو. 
 
هذه نماذج لا تختصر مؤسسة تملك وجوهاً نيّرة من صغار العسكريّين الى كبار الضابط، ولكن فيها أيضاً المئات، ولا نقول الآلاف خشية بعض المبالغة، ممّن يجب أن يُسألوا "من أين لكم هذا؟"، ولهم عقارات وسيّارات وحياة أغنياء وسفراً دائماً يتغنّى به بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وما نعرفه في هذا المجال يحتاج الى مقالاتٍ عدّة لتعداده. إلا أنّنا نصرّ، تكراراً، على عدم التعميم. لا يجوز القول هنا أبداً "كلّن يعني كلّن". 
 
ولكن، ما هو أسوأ من ذلك كلّه ربما، المسرحيّة المهزلة التي شاهدناها يوم الإثنين الماضي في برنامج "هوا الحريّة" مع الزميل جو معلوف. لسنا في وارد محاسبة معلوف على ما حصل، وعلى اعتبار البعض أنّه تخطّى "شعرة" السبق الصحفي، بل نسأل من هو المسؤول عن هؤلاء العسكريّين الذين اقتحموا، مباشرةً على الهواء، أستديو برنامج تلفزيوني لإيقاف شابٍّ مباشرةً على الهواء، وكأنّهم "كومبارس" تافه في هذه المسرحيّة التي لم نسمع، حتى كتابة هذه السطور، أنّ محاسبة تمّت في حقّ المسؤول عنها، أو أنّ الراعي الرسمي لهذه المؤسسة، أي وزير الداخليّة، هاله ما شاهده فأوصى بإنزال العقاب بالمسؤولين عنه. 
 
ما نكتبه ينطلق من حرصٍ على مؤسسة عريقة نخشى أن نكون أكثر حرصاً عليها من بعض "كبارها". كبارٌ في المناصب فقط...

داني حداد - موقع mtv - 
12 كانون الثاني 2018

إرسال تعليق

 
Top