0
... قبل أقلّ من أربعة أشهر على موعد الانتخابات النيابية، المؤجَّلة أكثر من مرّة منذ العام 2013، عاد الحديث في بيروت وعلى نحو مفاجئ عن أن "الانتخابات في خَطَر"، وسط اتهاماتٍ ضمنية بأن مطالبة بعض الأطراف بإجراء تعديلاتٍ على قانون الانتخاب الجديد تفادياً للطعن بنتائج الانتخابات، هدفها تطيير الاستحقاق الذي يبدأ باقتراع المنتشرين في الخارج في نيسان قبل أن تجري الانتخابات في السادس من أيار المقبل في عموم لبنان وفي يوم واحد.

وثمة مَن يعتقد في بيروت أن معاودة إطلاق غبارٍ سياسي حيال مصير الانتخابات لا تعدو كونها انعكاساً لحال التأزم التي يتمّ معها استحضار كل "الأسلحة المحرّمة" في معركةٍ مبكّرة لتحديد التوازنات والأحجام في آلياتِ اتخاذ القرار، ولا سيما في السلطة التنفيذية، وهو ما ستؤول إليه انتخابات أيار في ضوء التحالفات التي تُرسم معالمها الآن على "نارٍ قوية" بين اللاعبين المحليين وتحت أنظارِ الخارج.

ولم يَعُد مفاجئاً في ظل اتضاح الأبعاد الحقيقة لحال التأزم السياسي، القول إن الصراع الذي انفجر بين رئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري حول ما يُعرف بـ "مرسوم الأقدمية" باقٍ ويَتمدّد على وهج حسابات شائكة ترتبط بما بعد الانتخابات النيابية وما بعد بعدها، أي الانتخابات الرئاسية أيضاً، وخصوصاً ان ما كان يدور همْساً في الغرف المغلقة أصبح حاضراً على كل شفة ولسان.

فرغم معادلة "حليف الحليف" التي ميّزتْ علاقة عون وبري كحليفيْن لـ "حزب الله"، لم تكن تلك التجربة الممتدّة منذ العام 2005 كفيلةً بتبديد "الودّ المفقود" العائد لثمانينات القرن الماضي بين الرجليْن، وخصوصاً ان بري قاد معارضة سياسية - برلمانية ضدّ وصول عون إلى الرئاسة، وتالياً فإنه من المرجّح أن يردّ عون "التحية بمثلها" لبري الطامح إلى الترشح لولاية جديدة على رأس البرلمان الذي يترأسّه منذ ربع قرن.

وبدا من الواضح أن بري المتوجّس من تحالف عون - رئيس الحكومة سعد الحريري جَعَل "مرسوم الأقدمية" أشبه بـ "خرطوشةٍ" يريد من خلالها ومن ورائه "حزب الله" اقتناص تكريس حقيبة المال للطائفة الشيعية في كل الحكومات المقبلة وتثبيت توقيع وزير المال على كل المراسيم "ميثاقياً"، ليكون "التوقيع الثالث" الى جانب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وهو ما يفسّر إبداء بري استعداده لـ "بلْع" مضمون مرسوم منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش رغم ما يعتريه من اختلال في التوازن الطائفي مقابل إعادة المرسوم الى وزير المال لإمهاره بتوقيعه، الأمر الذي يرفضه بشدّة رئيس الجمهورية الذي يصرّ على أن علاقة وزير المال بالمراسيم هي "علاقة اختصاص" مثل سائر الوزراء، وهو الاختصاص غير القائم في حالة مرسوم الأقدمية موْضع الأزمة باعتبار أنه لا يرتّب، حسب عون، أعباء مالية فورية.

"الراي الكويتية" - 12 كانون الثاني 2018

إرسال تعليق

 
Top