0
إذا كان "تريث" الرئيس سعد الحريري في تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد شرّع الأبواب على مرحلة سياسية جديدة رسم إطارها بشكل واضح من على منبر قصر بعبدا، فإن كثيرين رأوا في خيار الحريري المتأني محاولة لسحب فتيل أزمة كبيرة كان البلد يترنح على حبالها، كما ضربة قاسية وجهت إلى "المرحبين" باستقالته المفاجئة في 4 تشرين الثاني الجاري. وفيما يضع البعض حزبي القوات والكتائب على رأس هذه اللائحة، تتجه الأنظار إلى اللواء أشرف ريفي، لأسباب عدة. ذلك إن وزير العدل السابق يعد خصما شرسا للحريري في شارعه، إضافة إلى رفضه التسوية الرئاسية. غير أن لا شيء يشي بأن "تريث الحريري" بدّل في مواقف ريفي شيئا. بل على العكس، يبدو الأخير أكثر ثباتا على مواقفه، وإن كان لا يخفي خشيته من العودة إلى المرحلة السابقة، من دون أن تفوته دعوة رئيس الجمهورية إلى تحمّل مسؤولياته التي خلفها المشهد السياسي المستجد في البلاد.
وفي رد على الكلام عن أن الحريري "حشر"، بتريثه، معارضي تسوية 2016، تشير أوساط اللواء ريفي عبر "المركزية" إلى أن "كان لنا شرف معارضة ما سمي "تسوية سياسية" منذ البداية، لأننا توقعنا نتائجها الكارثية، لا سيما لجهة تكريس الوصاية الايرانية على لبنان، وإمساك حزب الله بالقرار اللبناني، والأحداث السياسية على مدى عام أثبتت صحة موقفنا".

وتذكر الأوساط في هذا الاطار أن "اللواء ريفي عارض ترشيح النائب سليمان فرنجية، تماما كما وقف ضد خيار ايصال العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة، وكانت مواقفه في هذا السياق علنية. وتاليا، فإننا نفتخر بوقوفنا في وجه مشروع حزب الله في لبنان، بوصفه مغامرة خطرة على البلد، ونعتبر أن كل من يشارك الحزب أو يؤمن له الغطاء يضر بالمصلحة الوطنية اللبنانية، لذلك، اعتبرنا أن استقالة الحكومة سحبت ورقة ثمينة من يد الحزب، ودعونا إلى التمسك بهذه الخطوة وانتاج تسوية لبنانية قائمة على شروط الدولة.

وفيما أبدى كثيرون تفاؤلهم بالمرحلة السياسية المقبلة على وقع تمسك الحريري بالنأي بالنفس وبحث إشكالية السلاح شرطا أساسيا، فرمل موقف قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري عن أن "سلاح حزب الله غير قابل للتفاوض"، هذه الاندفاعة، مسببا مخاوف من عودة الأمور إلى مربعها الأول. وفي هذا الاطار، تعتبر أوساط ريفي أن "كلام قائد الحرس الثوري يعكس الموقف الحقيقي للجمهورية الاسلامية التمسك بقرار حزب الله. تبعا لذلك، نخشى أن يكون التريث فخاً نصبه الحزب لاستعادة الغطاء الحكومي"، منبهة إلى "أننا خبرنا حزب الله على الأقل منذ العام 2005 حتى اليوم، وطاولات الحوار الاستيعابية التي لم تهدف إلا إلى شراء الوقت. اليوم، بات اللبنانيون يطالبون بضمانات حقيقية لكف يد السلاح، بوصفه ذراعا ايرانية في المنطقة تخرّب علاقات لبنان العربية. ونريد أيضا حلا جذريا لإشكالية ترسانة الحزب وسرايا المقاومة اللتين ما عاد التعايش معهما ممكنا لأنهما تقوضان وجود الدولة". 

وعما إذا كان التريث والتموضعات المحتملة على الساحة السياسية تهددان حلف ريفي ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ورئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون الذوظهرتأولى تباشيره بالتقاء مكوناته على معارضة التسوية، فتؤكد مصادر وزير العدل السابق، "أننا باقون على خط الثوابت. ونحن حلفاء طبيعيون لكل من يسير بهديها، خصوصا أننا ناضلنا مع المعارضة خلال العام الفائت لأننا لم نر تسوية بل خضوعا واستسلاما للوصاية الايرانية".

وعما هو متوقع من الرئيس عون، تلفت إلى أن "أنطلاقا من الحرص على المصلحة الوطنية، ندعو رئيس الجمهورية، وقبل فوات الأوان، إلى حل الأزمة بشكل جذري، لا على طريقة المسكنات، وإلى لعب دوره وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الدستور ولبنان وقسمه، وتاليا على البلد. وندعوه إلى المساهمة في تقديم مبادرة حقيقية تعالج إشكالية السلاح وترمم العلاقات العربية لوقف تدخل حزب الله في شؤون الدول العربية".

"المركزية" - 24 تشرين الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top