يترقب الطرابلسيون بنظرة تفاؤل انعقاد جلسة مجلس الوزراء المقررة الخميس المقبل في 23 الجاري في سراي طرابلس، وهي جلسة في سياق القرار الحكومي الذي تضمن انعقاد جلسات في كافة المحافظات اللبنانية لمناقشة حاجات ومتطلبات المناطق عن كثب ووفق دراسات ومقترحات ترفعها لجان اختصاصية مكلفة باعدادها ودراستها وهذا القرار هو الاول من نوعه في تاريخ لبنان وسابقة لم تحصل في كل العهود التي تعاقبت.
السؤال الذي تطرحه اوساط سياسية طرابلسية والذي يشغل بال هذه الاوساط:
ما هي اهداف هذه الجلسة الاولى في سياق الجلسات المقررة للمحافظات؟ وهل هي فعلا تستهدف انماء المدينة ام انها ذات خلفية سياسية انتخابية لاستنهاض القواعد الشعبية للرئيس الحريري بعد ان لاحظ ان لاشيء تغير في الحالة الشعبية لتيار المستقبل منذ عودته الى لبنان، بل بقيت هذه الحالة في تراجع وفق كل الاحصاءات التي اجريت خاصة في طرابلس التي كانت نتائجها تشير الى تبوؤ الرئيس نجيب ميقاتي المرتبة الاولى وتقدم حالة اللواء ريفي على تيار المستقبل.
كل الترتيبات تعد لاستقبال الوزراء في السراي الحكومي بمن فيهم وزراء حزب الله الذين سيدخلون بسلام مدينة التقوى والسلام التي شهدت احداث دامية على مدى السنوات الماضية ومنذ العام 2008 وارتفعت فيها شعارات التحريض والشحن المذهبي ولطالما طالت هذه الشعارات حزب الله.وتتذكر الاوساط السياسية ان الشريك الحكومي كان يلعب دورا في الكواليس واحيانا بظهور على مسرح الاحداث في لعبة التحريض المذهبي. ويوم الخميس سيكون حضور كافة الوزراء لمدينة طرابلس تتويجا لخطة الامن والاستقرار التي تكرست في المدينة منذ العام 2014. يومها تقول هذه الاوساط ان القرار كان باطلاق خطة اقتصادية انمائية للمدينة تواكب الخطة الامنية لكن هذه الخطة بقيت في عالم الوعود التي اعتاد الطرابلسيون سماعها في المناسبات والاستحقاقات الانتخابية. والسؤال الاخر ما هو المطلوب من مجلس الوزراء في جلسته الطرابلسية.
ثمة قضايا ملحة تحتاج الى اكثر من جلسة حكومية وتستدعي اهتماما استثنائيا لمواكبة حاجات المدينة المتراكمة منذ سنوات عديدة وامام الحكومة «الطرابلسية» مسؤوليات جسيمة اولها، هل تستطيع الحكومة يوم الخميس المقبل الافراج عن ملف شركة نور الفيحاء من ادراج وزارة الطاقة واطلاق اشارة العمل بهذه الشركة كي تضيء طرابلس 24 ساعة وهي قدمت عروضا مغرية توفر بما يقارب الـ 20% من بواخر الكهرباء.
ثانيا، هل تستطيع الحكومة «الطرابلسية» الافراج عن 150 مليون دولار التي اقرتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟
كي تنجح الجلسة حسب رأي الاوساط يجب الانطلاق من تحقيق البندين المذكوريين انفا، لما في ذلك من انعكاسات قد تحقق ثقة الطرابلسيين بهذه الجلسة حتى لا تبقى مجرد همروجة سياسية وزارية توظف في استحقاق انتخابي.
ويلي ذلك استنهاض الكثير من المرافق الاقتصادية والانمائية التي تقتضي المرحلة الاسراع في انجازها طالما هناك مشروع لاعتماد طرابلس عاصمة اقتصادية ثانية ونحن على ابواب اعتماد المدينة منصة لاعمار سورية. واذا كان هناك بالفعل نية لذلك فعلى الحكومة التي تنعقد في طرابلس ان تتخذ قرارات تخرج فورا الى حيز التنفيذ من دائرة الوعود بدءا من تأهيل وتشغيل مطار القليعات الى تأهيل وتفعيل سكة الحديد وتفعيل مرفأ طرابلس وتأهيل وتفعيل معرض رشيد كرامي الدولي. وانجاز الاوستراد الدائري لحل ازمة السير الخانقة اليومية. وتأهيل ونشغيل مصفاة طرابلس وبالتالي البدء باعمار المناطق المتضررة في التبانة وجبل محسن واعادة تأهيل مشروع الارث الثقافي في محيط القلعة والاسواق القديمة. وتأهيل الطرقات الرئيسية والداخلية في المدينة وانشاء الشارات الضوئية. واستكمال المشاريع التي بدأ تنفيذها ثم تعثرت بغيال التمويل.
وتقول الاوساط الطرابلسية ان ما ذكر غيض من فيض وان مجلس الوزراء الذي سينعقد في طرابلس ان لم يستطع تحقيق هذه المطالب الاساسية للمدينة فانها جلسة لن تتعدى كونها همروجة اعلامية سياسية انتخابية وظيفتها اغداق الوعود عشية الانتخابات النيابية ولكن هذه المرة سوف يكون مردودها بمستوى حرمان السنوات بحيث سيكون الحساب في صناديق الاقتراع، واذا اطلقت بعض المشاريع كخطوة ايجابية فان ذلك حق شرعي لطرابلس وان جاء متأخرا جدا. لكن لا بد له طالما الحديث يزداد عن منصة لاعمار سورية واعتماد طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان وهذه العاصمة لن تحقق اهدافها ما لم تتوافق الموازنة المالية اللازمة لذلك. وقد خبر الطرابلسون حجم الاهمال وسوف يتلمس اعضاء مجلس الوزراء يوم الخميس حجم الحرمان والاهمال حين يصطدمون بعقبة الطريق العام للوصول الى السراي الحكومي. فهل يسألون عن هذه الحفريات التي تبدأ من مدخل المدينة الجنوبي وصولا الى السراي الحكومي. وعن المدة التي تستغرقها هذه الحفريات والتي تسببت بازدحام خانق يومي نتيجة بطء الاعمال والتي مضى عليها ما يقارب السنة. فامام الوزراء شواهد حية على ما تعيشه طرابلس فهل يصلون الى السراي يعقدون جلستهم ثم يغادرون ام انهم سيتوجهون بعد الجلسة الى معاينة مظاهر الاهمال والحرمان في التبانة وجبل محسن والقبة وابي سمراء والاسواق الداخلية والميناء والزاهرية وباب الرمل واحياء اخرى كي يطلعوا على معاناة المواطنين والاستماع اليهم.
دموع الأسمر - "الديار" - 24 أيلول 2017
إرسال تعليق