يبدو ان الثنائية المارونية لم تعد تشبه الثنائية الشيعية التي تتفق على أي مهام او مركز شيعي في الدولة وتتخذ قرارات موّحدة في اكثرية الملفات، فتلغي على الفور الأصوات المعارضة في هذا الاطار وتقول كلمتها ونقطة على السطر، لكن وبعد اتفاقية معراب بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» اعتقد كثيرون بأن الوضع المسيحي سيكون مماثلاً خصوصاً بعد ترشيح رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون الى الرئاسة، فتحققت هذه الخطوة حينها من خلال مواقف استراتيجية موّحدة، وبدأت الخطط المستقبلية عن تحالفات انتخابية ستقضي على الكل وبالتالي ستشكل «تسونامي» توصل اكبر كتلة مسيحية عونية - قواتية الى المجلس النيابي الجديد.
لكن وبحسب ما ترى مصادر سياسية متابعة لملف المصالحة المسيحية بين الفريقين، فإن بوادر الاتفاق بدأت تخّف نوعاً ما وهي ظهرت خلال إحياء ذكرى مصالحة الجبل الاحد الماضي، فبدأت بامتعاض «التيار الوطني الحر» من الطريقة التي دعت فيها «القوات اللبنانية» للاحتفال بهذه الذكرى، ومن ثم إنزال صور رئيس الجمهورية من دير القمر فوجهّت الاتهامات الى محسوبين على النائب جورج عدوان، ما ادى الى مقاطعة «التيار» لاحتفالية المير أمين. ومن حينها برزت الانتقادات العونية الى «القوات» بأنها اقامت هذا الاحتفال لغايات انتخابية ضيقة، وبأنها تحتكر المصالحة لمصلحتها فقط والهدف تهميش القوى المسيحية الأخرى، وبالتالي ابعاد المناسبة عن رمزيتها الحقيقية، وقد شكّل اعتذار رئيس الجمهورية عن المشاركة في الغداء خلال المناسبة مؤشراً على امتعاض «التيار» من الطريقة التي تعاطت بها «القوات» مع هذا الحدث المهم، خصوصاً من قبل الوزير جبران باسيل الذي ابدى استياءه من الدور الذي لعبه عدوان، معتبراً بأن هذا الحدث الكبير كان من المفترض ان يجمع لا ان يفرّق، كما ألمح الى وجود صفقة انتخابية بين جنبلاط وجعجع.
هذا وتشير المصادر المذكورة الى ان اسباباً خلافية اخرى سبقت إحياء هذه الذكرى، ومنها التباين السياسي الواضح في مجلس الوزراء بين وزراء الفريقين على خلفية ملف بواخر الكهرباء، مروراً بالتعيينات وصولاً الى الخلافات على التحالفات الانتخابية بحيث لم يتم الاتفاق على أي منها بعد، ما يعكس تداعيات سلبية على مصير العلاقة بين الحزبين. إضافة الى الموقف السياسي المتناقض بينهما في ملف جرود عرسال، بحيث وجّه رئيس «التيار» جبران باسيل الشكر لحزب الله على تحريره هذه الجرود، فيما انتقد رئيس « القوات» سمير جعجع تفرّد حزب الله بقرار الحرب والسلم في لبنان، من هنا توالت المواقف المعاكسة ما ينذر باهتزاز اتفاق معراب في حال لم تتم عملية الاصلاح قبل فوات الاوان.
ولفتت المصادر الى ان إقرار قانون الانتخاب القائم على النسبية لم يقرّب بينهما لان التحالفات ستكون «على القطعة» لانها ستغيب في بعض الدوائر وتحضر في اخرى، مذكّرة بأن الانفتاح القواتي على «المردة» سببه تردّي الوضع مع «التيار»، وكل هذا دفع براعيّ المصالحة المسيحية الوزير ملحم رياشي للاتجاه نحو اللقلوق المقّر الصيفي للوزير باسيل للاجتماع معه والنائب ابراهيم كنعان لرأب الصدع الحاصل حالياً، وبعدها توّجه وزير الإعلام إلى زحلة لوضع الدكتور جعجع القاطن هناك في تفاصيل اجتماع اللقلوق.
وختمت هذه المصادر بأن الرياشي قادر على إعادة الامور الى نصابها، وبالتالي قد تبدأ نتائج لقاءاته بالتبلور ايجاباً خلال الاسبوع المقبل، وخصوصاً خلال جلسة مجلس الوزراء من خلال بعض التعيينات التي توقفت بعد الخلاف القواتي - العوني.
صونيا رزق - "الديار" - 14 آب 2017
إرسال تعليق