قصة «ابريق الزيت» الانتخابية تتكرّر لدى اقتراب كل استحقاق، وكالعادة فالحجج الواهية سيّدة الموقف لعدم إجراء الانتخابات النيابية، وآخرها الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس. وابرز الحجج الوضع الامني العسكري في الجرود الحدودية وإهتمام الدولة بكل مؤسساتها بما يجري هناك، أي ان الاسباب تساعد اهل السلطة دائماً في هذا الاطار، وكل هذا يعني الإطاحة بالدستور التي بات «موضة» يلجأ اليها بعض المسؤولين لتغطية الحقائق وعدم كشفها على الرأي العام اللبناني، على الرغم من ان كل النصوص الدستورية واضحة لكن حين لا تكون ضمن مصلحة هذا او ذاك من بعض ارباب الحكم تبقى غير مفيدة ولا يستعان بها.
وفي هذا الاطار، تصف مصادر سياسية متابعة لما يجري بعملية «تطييّر» للانتخابات الفرعية، في حين ان النص الدستوري المتعلق بها واضح وملزم بإجرائها لملء المقعد الذي شَغر في كسروان بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، والمقعدين اللذين شَغرا في طرابلس باستقالة النائب روبير فاضل ووفاة النائب بدر ونوس. وترى بأنه على الرغم من إقتراب الموعد الدستوري لإجراء هذه الانتخابات، فإن جلسة مجلس الوزراء الاخيرة لم تبحث هذا الاستحقاق، مما يؤكد بأن السلطة غير آبهة بتطبيق القانون لان هنالك نيّة مبيتة لعدم اجرائها تفادياَ لمعارك انتخابية ستحمل آثاراَ سلبية على الانتخابات في ايار المقبل . وكل هذا يشير الى أن البعض يمارس ضغوطاً لانه خائف من صناديق الاقتراع في ظل الظروف السياسية الحالية وموازين القوى التي لا تصّب في مصلحته والتي ستبرز الحقائق المرّة وعلى غير عادة، لان المواطنين إستيقظوا من سباتهم العميق ولو بعد حين . والبعض الاخر لا يريد إيصال احدهم الى الندوة البرلمانية لأسباب سياسية متعلقة بالتحالفات، فيما آخرون يتخوفون من عدم وصول مرشحهم ويطالبون بضمانة لن يحصلوا عليها، وهنالك من يخطط لعدم كشف أوراقه الانتخابية منذ الآن، والى ما هنالك من اسباب تعود الى المصالح الشخصية وما اكثرها في هذا البلد...
وانطلاقاً من هنا سألت المصادر المذكورة: «هل بات الدستور وجهة نظر بالنسبة لهذه السلطة السياسية؟، وهل ضُرب الدستور بعرض الحائط من دون ان يسأل احد عما يجري؟، فيما هو يتطلب إلزام الحكومة رئيساً وأعضاءَ بإجراء الانتخابات النيابية الفرعية تحت طائلة المحاسبة السياسية وحتى القانونية. مؤكدة بأن عدم إجراء هذه الانتخابات قائم على قدم وساق، في حين انه يفترض ان تجري في ايلول المقبل، كما كان من المفترض ان يدعو وزير الداخلية نهاد المشنوق الهيئات الناخبة في آخر مهلة اقصاها 17 آب الجاري أي قبل اسبوع ، لكن كل هذا لم يتحقق ما يشكّل مخالفة دستورية كبيرة سيترّتب عليها تداعيات بالتأكيد.
وتابعت هذه المصادر: «للاسف اعتدنا على هذه المشاهد السياسية عبر حكومة التحالفات المتناقضة التي تترك القضايا الهامة رهينة مشاوراتها السياسية، والتي تأتي دائماً مليئة بالمغالطات التي يدفع ثمنها لبنان وشعبه دائماً. فتتناسى كالعادة القانون ونصوصه وتطلق العنان لمصالحها السياسية الشخصية مهما كانت الكلفة والنتيجة. وكل هذا سيشكل ضربة قوية على سياسة تبادل الخدمات الخاصة بغياب الضوابط الدستورية ، مما يعني إمكانية نقل هذه المشاهد الى الانتخابات النيابية المرتقبة في ايار 2018 وبالتالي المضيّ بتمديد جديد تحت حجج وظروف جديدة...!
وختمت المصادر:« بأن قراراً سياسياً رسمياً قد إتخذ بعدم إجراء هذا الاستحقاق، لكنه لن يُعلن قبل تشرين الثاني موعد سقوط مهلة إلزامية إجراء الانتخابات».
صونيا رزق - "الديار" - 23 آب 2017
إرسال تعليق