0
تأتي انتقادات حزب «القوات اللبنانية» لسوء الادارة وتزايد وتيرة الفساد في الوقت الذي ترى فيه أكثر من جهة سياسية ان «القوات» تشارك في الحكومة الحالية وبالتالي فهي باتت في مواقع معينة جزءا من هذه الادارة التي تركز عليها في بعض مقارباتها للواقع الحالي. في هذا المجال ترى مصادر سياسية «قواتية»، أن ما قصده الدكتورسمير جعجع في حملته على «سوء الإدارة»، أنه عندما استعادت الدولة حيويتها وحركتها السياسية مع العهد الجديد، أصبح لزاماً طرح تشخيص جديد للواقع السياسي يحدّد بموجبه مكمن الخلل داخل الدولة، والذي يستمر منذ اتفاق الطائف إلى اليوم، وهو السلاح الذي يقول عنه جعجع أنه يصادر القرار الإستراتيجي للدولة، ولذلك لا يمكن للدولة أن تستعيد دورها وفاعليتها وتأثيرها إلا مع عودة سلاح «حزب الله» إلى داخل الدولة اللبنانية، ليكون الجيش اللبناني وحده من يملك السلاح، وليكون القرار الإستراتيجي للسلطة السياسية.
 
وأضافت المصادر «القواتية» نفسها، أن «القوات» تركّز اليوم على ملف مصادرة قرار الدولة أولاً، وعلى ملف سوء إدارة الدولة ثانياً. 
 
في المقابل فان مشاركة «القوات» في الحكومة لم تحدث التغيير المنشود ، على الاقل من وجهة نظر بعض الحلفاء كما الخصوم،كما تكشف بعض الاطراف الوزارية.وازاء هذا الواقع تؤكد المصادر «القواتية» أنه عندما دخلت «القوات» إلى الحكومة، لاحظت فعلياً أن هناك طريقة تعاطي سيئة جداً في طريقة مقاربة الشأن العام، ولذلك، فهي تعتبر أن هذه الممارسة السيئة المتوارَثة منذ اتفاق الطائف إلى اليوم، خصوصاً وأن الوصاية السورية قد أدّت إلى المزيد من التسيّب على مستوى الدولة، وتكريس منطق المحاصصة والفساد. وبالتالي، تقول المصادر نفسها، بدأ الدكتور جعجع التركيز على واقع الإدارة الحالي، انطلاقاً من أنه إذا لم يكن بالإمكان نسبة للظروف الخارجية والمحلية إجراء مقاربة موضوعية لوضع سلاح «حزب الله» ووضعه تحت تصرّف الدولة اللبنانية، فما الذي يحول دون مقاربة جدّية لحلّ الأزمة المتصلة بسوء إدارة الدولة التي يتحمّل مسؤوليتها معظم الأطراف السياسية التي تعاقبت على السلطة.
 
ومن هنا، أكدت المصادر نفسها، أن «القوات» بدأت تعمل على نمط جديد في التعاطي، مبني على الحَوكَمة، وعلى طريقة إدارة الشأن العام بشكل يختلف عن التحالفات السياسية، انطلاقاً من أولوية مطلقة تتّصل بالدستور وتلتزم بالقوانين، والإحتكام إلى المؤسّسات الدستورية لحلّ النزاعات، وإلى الآليات القانونية من أجل تحقيق الأهداف المرسومة.
 
ولذلك، تتابع المصادر عينها، أن «القوات» تعتبر أن أزمة سوء الإدارة أدّت إلى إحباط الناس واعتبار لبنان دولة فاشلة لا تعطي المواطن حقه، وتقوم على مبدأ المزرعة وليس القوانين. فالمواطن لا يستطيع تحصيل ما يريده إلا من خلال «الواسطة» ودفع الأموال والزبائنية السياسية.
 
لكن المصادر استدركت أنها لا تستطيع وحدها تحقيق هذا الهدف، إنما ما تقوم به على مستوى وزاراتها وعلى مستوى الحكومة، أنها تعطي نموذجاً مختلفاً داخل وزارات «القوات» بطريقة التعاطي، كما أنها تحاول، وعلى مستوى الحكومة، أن تمنع المشاريع التي لا تراعي الأصول ولا المعايير الدستورية والمؤسّساتية.
 
ومن خلال هذا النمط، تؤكد المصادر ذاتها، تحاول «القوات» تشكيل عدوى سياسية للقوى السياسية الأخرى التي ما من شك بأنها تريد إخراج لبنان من فساده، ولكنها لا تريد أن تخوض هذه المعركة، أو أن تخوضها بشكل «رأس حربة»، مما يجعل للـ «القوات» حلفاء موضوعيين في هذه المواجهة، لأنها لا تستطيع منفردة أن تحقّق هذا الهدف الكبير الذي يعيد للمواطن ثقته بالدولة.

هيام عيد - "الديار" - 13 آب 2017

إرسال تعليق

 
Top