دعا الرئيس العماد ميشال سليمان الى عدم حرمان اصحاب الحق من سلسلة الرتب والرواتب، ولا يجب ان تفرض الضرائب كيفما اتفق، ولا يجب استعجال كل ذلك قبل انجاز الاصلاح، معتبرا ان اسوأ القوانين تلك التي تطرح قبل الانتخابات، تماما كما فعلوا مع خدمة العلم التي تم الغاءها قبل الانتخابات النيابية، والان عشية الانتخابات يستعجلون قوانين تحتاج الى تحديث البنية الاقتصادية والاجتماعية وهذا لا يتم الا مع تحديث البنية السياسية، والركيزة الاساسية للحكومات في هذا الموضوع مبنية على وظتئف اساسية ثلاثة هي، التنمية والديموقراطية والحوار. معتبرا انه في يومنا الحاضر فان الحوار الاقتصادي هو المطلوب وسياسية الدول عادة هي من اجل الاقتصاد وتحسين ظروف حياة الناس،ولا يمكن بناء الاقتصاد وتطويره طالما سياسة الدولة ليست واضحة.
مواقف الرئيس سليمان جاءت في خلال الندوة التي نظمها "لقاء الجمهورية" تحت عنوان "سلسلة الرتب والرواتب: مشاكل وتداعيات" تم في خلالها مناقشة مشروع الموازنة والانعكاسات السلبية والايجابية الناتجة عن اقرار سلسلة الرتب والرواتب تحدث فيها عدد من الخبراء والمختصين والمعنيين بحضور حشد من المهتمين.
وقال الرئيس سليمان: هناك حوار حصل في بعبدا في خلال عهدي، ولكن هناك تغييب للمجلس الاقتصادي الاجتماعي وهو من اهم المجالس التي تؤثر في حياة الناس ورفاهيتها، واي تنمية تتم بناء على الاصلاح بدءا من القوانين وتطوير الدستور والموازنة واللامركزية الادارية والمالية التي تحفز الانماء والاستقرار والتشريع الضريبي، والاستقرار الامني وقانون الانتخاب لان الديموقراطية وحرية التعبيرهي الاساس في حياة الناس في تجنب الفقر والعوز والتضخم.
اضاف: في ما خص الفساد نحن في "لقاء الجمهورية" انجزنا ملفا حول الفساد، والفساد لا يقتصر على محاسبة شخص فاسد، الفساد موجود ويلاقي بعضه البعض بين القطاع العام والقطاع الخاص، واول خطوة في مكافحة الفساد الحد من صلاحية الوزير على وزارته، وتغليب دور المدير العام والموظف، وهذا يحتاج الى اصلاح دستوري، يكفي المستاشرين الذين يأتون مع الوزير ويذهبون معه يفعلون ما يريدون ويذهبون ولا احد يحاسبهم، والمدير العام يغيّب لصالح المستشار.
وتناول تحفيز النمو الاقتصادي وقال انه يحتاج الى خطة نمو شامل عبر التركيز على الزراعة والصناعة والسياحة، ولدينا موضوع النفط الذي يجب ان يندمج بالاقتصاد اللبناني، وهناك خطأ في هذا الامر من خلال انتقاص صلاحية هيئة ادارة قطاع البترول وهناك خطورة كبيرة من ان تصبح هذه الهيئة تنفذ رغبات سياسية، لذلك يجب ادماج النفط في الاقتصاد العام ويجب ان لا يتعدى الحدود في الدخل نسبة الى الناتج المحلي كي لا يؤدي الى اغراق اقتصادي، ويجب حماية النظام المالي والمصرفي وهناك خصائص للنظام المصرفي اللبناني مميزة يجب العمل عليها وتطويرها لكي تكون من احد ضمانات الاقتصاد اللبناني.
وتطرق الى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمشكلة ان الوزير لا يحبذ ان يأتي القطاع الخاص ان يأتي ويعمل انما يفضّل اخذ المال مباشرة في الموازنة من اجل التوظيف السياسي للمصلحة الشخصية، لذلك يتم ابعاد القطاع الخاص، علما ان على الدولة ان تشجعه وتخلق له الفرص لا ان يترك، خصوصا ان القطاع الخاص يعفي من الدين ومن التوظيف السياسي ويوفّر فرص عمل للشباب، وهناك دور محوري للامركزية الادارية لجهة المحاسبة والمراقبة في المشاريع التنموية.
وتوقف عند الاصلاح السياسي قئلا ان كل ذلك بلا اصلاح سياسي لا يوصل الى نتيجة، اذا جاء مستثمر هل يستطيع الاطمئنان الى استثماره في ظل غياب مرجعية قرار السلم والحرب، ولا يؤمّن اذا لم يفرض عليه توظيف او خوات او.. لذلك المرجعية يجب ان تكون الدولة والسياسة للدولة وعلاقاتها مع الخارج تنظمها الدولة اللبنانية وحدها وليس الاطراف، مثلا علاقتنا بالكويت وايران والسعودية.. لا مانع ان تكون العلاقات مع الجميع لكن ان تنظم من قبل الدولة، لا ان يفرض احد على الشعب اللبناني مقاطعة جهة دولية خلافا للسياسية الخارجية التي يجب ان تكون مرجعيتها الدولة، لو طبق اعلان بعبدا وتم تحييد لبنان عن الازمات لكنّا اقتنصنا الفرص اقتصادينا بشكل كبير وتحولنا الى مركز استقطاب لكل الاستثمارات، لكن المستثمر الاجنبي او العربي وحتى اللبناني لا يعرف اذا كانت ستقع حرب في لبنان ام لا لأنه يسمع ان لبنان متورط بالحرب السورية، لذلك المستثمر وصاحب رأسمال لا يأتي اذا لم يكن مطمئن لدور الدولة وثبات الاستقرار، وعلى حكومة استعادة الثقة ان تعود وتتكلم بتحييد لبنان، والبحث في الاستراتيجية الدفاعية، ويقولوا لاولادنا انه بعد عشر سنوات سيصبح كل السلاح بيد الجيش ولنضع خطة من الان، يكفي انتصارات والتضحيات التي قدمها الشعب اللبناني والجيش اللبناني والمقاومة وهي تضحيات كبيرة جدا تستحق ان نبني دولة لا ان تبقى تضحيات بالفرق كل طرف يتهنّى بها، علينا اعداد استراتيجية دفاعية وان يقوم الجيش بكل العمليات والجيش عبر المجلس الاعلى للدفاع يستطيع تجنيد كل القوى لدعمه وهذا دور المجلس الاعلى للدفاع، ولكن بأمرة الجيش الذي يحدد الموعد لتنفيذ العملية وهو ينسق على الارض اذا اراد التنسيق مع السوريين، ولدى الجيش مكتب تعاون وتنسيق مع السوريين والعدو مشترك موجود على مسرح عمليات مشترك نعمل عليه جميعنا والجيش ينسق دائماً مع الوحدات السورية من اجل هذه المعركة، من دون ادخال الاعتبارات السياسية، اذا كان المقصد الولوج من هذه القضية الى قضايا سياسية فليصارح الشعب اللبناني بذلك، فلنترك الجيش ينفذ عمليته ضمن الآليات الموجودة حاليا، تماما كما ينسق المدير العام للامن العام مع المسؤول الموازي في سوريا، والتنسيق الميداني على مدى النيران مشروع لان العدو مشترك وموجود على الارض اللبنانية والسورية بشكل متصل، ولا يجب تضخيم الامور.
واشار الى الحريات والديموقراطية، معتبرا ان البلد بلا حريات لا يقوم فيه اقتصاد، لكنني اشعر في هذه الفترة اننا لا نستطيع قول كلمة واحدة، وممنوع قول كلمة مغايرة لما يريدونه حتى لو قلنا ان الجيش كان يجب ان ينفذ عملية عرسال، نتعرض للشتم وللتخوين والعمالة.
وكانت الندوة بدأت بكلمة ترحيبية لامين عام "لقاء الجمهورية" نجيب زوين، عن اهمية الندوة في الظرف الراهن حيث يدور جدل حول تداعياتها في ظل الظرف الاقتصادي الراهن.
صراف
تلاه مداخلة لرئيس اتحاد رجال الاعمال للبحر المتوسط عميد الصناعيين السابق جاك صراف تحدث فيها عن الحوار ابان عهد الرئيس سليمان وما تم التوصل اليه من نقاط مشتركة، واشار الى القطاعات التي تحتج على قانون سلسلة الرتب والرواتب من القضاة الى المهن الحرة الى المعلمين وصولا الى الهيئات الاقتصادية.
وقال صراف: نحن لسنا ضد سلسلة الرتب والرواتب انما يجب ان تكون مبنية على اطر ومعلومات، فهناك تأثيرات والوضع بدء يخرج عن السيطرة، والرؤية بالمعالجة بدأت في الاعوام 1995 و1998 و2001 عبر قوانين اقرها مجلس النواب وصدرت لكنها لم تأخذ طريقها الى التنفيذ.
واذ جدد التأكيد انه مع سلسلة الرتب والرواتب، عرض لرسم بياني لتأثيرات المشروع الجديد للسلسلة والزيادة في رواتب واجور القطاع العام.
شهاب
وقدم الامين العام اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في الدول العربية الدكتور عماد شهاب مداخلة عرض في خلالها دراسة للاثار الاقتصادية والاجتماعية لسلسلة الرتب والرواتب، لافتا الى التفاوت في الاراء من السلسلة فمنهم من يقول انها ستؤدي الى انتعاش الاقتصاد وخبراء يتحدثون عن اثار سلبية على الاقتصاد والمالية والوضع الاجتماعي، وانا اميل الى الرأي الثاني، فلن يكون هناك نمو واذا كان هناك نمو سيكون تحت الواحد في المئة.
وقال شهاب: ان الانتعاش الاقتصادي قائم على القطاع الخاص اذا تحرك ينمو الاقتصاد واذا لم يتحرك يتراجع.
وتوقف عند العجز التجاري الذي يزيد مما يؤدي الى عجز كبير بميزان المدفوعات في نهاية العام كما ان القطاع الصناعي يعاني بشكل كبير.
وقال: التقديرات للنمو هذا العام حسب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هي بين 2 الى 2،5 في المئة، لذلك احذر من ان التضخم سيكبر بشكل كبير نتيجة اقرار السلسلة والتضخم هو اكثر ما يؤذي الاقتصاد في كل المجالات، ومعدل التضخم لن يقل عن 10 في المئة والقدرة الشرائية ستنخفض واسعار السلع والخدمات ستزيد والتضخم لن يكون محليا انما سيكون ايضا مستوردا نتيجة زيادة سعر صرف اليورو، وبالتالي مكون الاستهلاك سيصاب نتيجة ارتفاع الاسعار وزيادة الضرائب، وبالتالي العجز المالي سيقفز الى 6 مليار دولار هذا العام مما سيزيد العجز الى مستوى الناتج المحلي بنسبة 10 في المئة.
ورأى ان الهدر في المال العام كبير جدا وحجم الفساد كبير جدا، وكان بالامكان اصلاح في الادارة العامة وبالتالي تخفيض الانفاق.
وخلص الى القول ان التوقعات المنشودة من اقرار السلسلة وزيادات الضرائب يمكن ان لا تصيب اهدافها المنشودة، لا بل يمكن ان تتحول الى عامل سلبي يعرقل النهوض المرتجى في الاقتصاد الوطني والمالية العامة والاوضاع الاجتماعية.
يشوعي
كما قدم الخبير الاقتصادي والاستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور ايلي يشوعي مداخلة سجل فيها ثلاثة ملاحظات على علاقة بسلسلة الرتب والرواتب وهي:
1- ان التخوف في غير محله بخصوص ضخ سيولة في الاقتصاد راهنا، لان اي ضخ للسيولة لا يمكن ان يكون تضخميا في ظل الركودالاقتصادي.
2- اسمع شكوى من قبل الهيئات الاقتصادية ان العجز في الميزان التجاري كان مليار دولار سنويا، واذ اليوم يلامس 17 مليار دولار سنويا، هذا يعني ان لبنان يعجز سنة عن سنة عن التصدير ويزداد الاستيراد، انا اقول ان غياب المرونة النقدية في لبنان احد اهم اسباب تراجع التصدير، ان الدولة التي تعتمد تثبيت سعر صرف النقد لا يمكنها الا ان تتعامل مع شركاء نقديين يعتمدون ذات السياسة، لذلك لا بد من مرونة نقدية بدل التثبيت النقدي لان التثبيت سيجعل الاستيراد اكثر كلفة، لذلك مطلوب من البنك المركزي بعض المرونة النقدية والاقلاع عن سياسة نقدية انكماشية مستمرة منذ التسعينيات.
3- المحرك الاساسي للنمو في لبنان الاستهلاك وهذا امر خاطئ يجب ان الاستثمار وخصوصا الاستثمار الخاص، كما ان بناء الاقتصاد بكامله على التدفقات المالية الخارجية امر كارثي، لذلك يجب بناء اقتصاد داخلي يكون بديلا عن هذه التدفقات.
وقال: بالعودة الى السلسلة فان زيادة الضرائب غير المباشرة في زمن انكماش اقتصادي لا جدوى منها، ومن قال لهم ان الشركات يجب الا تربح، انما يجب ان تربح الشركات والمصارف، ولكن يجب ان اطال ما يوزع من الارباح اي عبر الضرائب الشخصية، والسلسلة حق لاصحاب الدخل المحدود لا سيما الموظفين ولكن ليس بطريقة الضرائب غير المباشرة انما عبر الاصلاحات الضرائبية وتحصيل الخزظينة لكامل حقوقها، وهذا يحتاج الى اصلاح السياسة النقدية، واصلاح المالية الضرائبية، وتطبيق اللامركزية الادارية والمالية.
ثم دار نقاش بين الحاضرين والمنتدين حول الافكار المطروحة.
9 اب 2017
إرسال تعليق