0
قبل معالجة الموضوع السياسي، لا بدّ من التوقّف امام حادث أمني بالغ الخطورة يتعلّق بقيام مسلّحين يبلغ عددهم ثمانية، بالاعتداء على دورية للجيش في منطقة افقا - جبيل عند توقيف احد المسلّحين استولى على قطعة ارض قرب مجرى نهر ابراهيم وحوّلها الى استراحة، وسبق له هو واشقاؤه الى فرض خوّة على عدد من الشبّان والشابات قبل يومين وتعرّضوا لهم بالضرب والشتم والتهديد بالقتل ان هم عادوا الى تلك المنطقة، ولم يرق قيام عناصر الدورية باعتقال المعتدي على الاملاك العامة وعلى مواطنين عزّل، فأقدم اشقاؤه وأقاربه وأصدقاؤه على ضرب عناصر الدورية ونزع سلاحهم والاستيلاء على آليتهم، واستطاعت قوّة من الجيش في وقت لاحق استعادة الآلية فحسب، دون اسلحة عناصر الدورية.
 
خطورة هذا الحادث، ذات وجهين، الأول إقدام عناصر، خارجة عن القانون بالاعتداء على عناصر من الجيش، الذي يعتبر القوّة الشرعية الاولى، التي يعلّق عليها الشعب اللبناني، آماله بأن تكون ركيزة الدولة القوية في وجه اعداء لبنان ومجرمي الداخل، والوجه الثاني ان هذا الحادث الخطير، يحصل عشية قيام الجيش بتطهير جرود القاع ورأس بعلبك من مجرمي تنظيم «داعش» الارهابي، في تصرّف مدان ينعكس سلباً على معنويات الجيش والقوى الأمنية الأخرى، ويجب ان يكون موضع ادانة وشجب من الجميع، وموضع محاسبة صارمة لا رحمة فيها من قبل الجيش والقضاء.

الجماهير المليونية التي غطّت الساحات والطرقات والمنافذ والمداخل والاوتوسترادات يوم 14 آذار 2005، لم تنسَ الشعارات الوطنية الاستقلالية والسيادية التي رفعت في ذلك اليوم المجيد، حتى ولو نسيها او تناساها عدد من قيادات 14 آذار، وهي لا تترك مناسبة، خصوصاً في ايام الضعف والتراجع والمساومات، الاّ وتطالب قياداتها باعادة احياء هذه الشعلة التي اضاءت لبنان لسنوات، قبل ان تخبو تحت ضربات العنف والقوة القاهرة، والحسابات الخاطئة عند البعض، وكان لافتاً اثناء زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع زحلة، ولقائه مسؤولين وحزبيين، ومستقلين ورجال دين ورؤساء بلديات ومخاتير، اشارته الى ان الجميع يطالبون باعادة احياء 14 اذار، وكانت مناسبة مؤاتية له، للتأكيد على ان روح 14 اذار وثوابتها، ما زالت حيّة في ضميره وضمير الأغلبية الساحقة من جماهير 14 اذار، حتى ولو غاب الوجه التنظيمي عنها لأسباب عديدة فرضتها اوضاع المنطقة وانعكاساتها على لبنان، ولا بدّ ان يأتي اليوم الذي تنتصر فيه مبادئ 14 اذار، بقيام الدولة القوية القادرة، وذلك يكون بالتغيير السلمي الديموقراطي عبر الانتخابات النيابة التي تحمل الى المجلس النيابي اكثرية تحمل هذه المبادئ، التي تكرّس عملياً ما جاء في الدستور بأن النائب اللبناني يمثّل الأمّة اللبنانية كلّها.
 
في تقدير اوّلي لأحد قياديي 14 اذار، ان الشعب اللبناني رغم الاحباط وقلّة الثقة وتجارب السنوات الماضية، ما زال يحنّ بأكثرية محترمة الى انتفاضة 14 آذار، عند الموحّدين الدروز، والمسيحيين، والسنّة، وعدد ليس بالقليل عند الشيعة، وأي حركة جدّية، لاعادة الروح اليها، ستلقى ارضاً خصبة، لأنها انتفاضة ديموقراطية سلمية لا عنفية، قائمة باختصار على عدد من الشعارات المعروفة مثل «وطن حر وشعب سعيد» «لبنان اولاً» «الأمة اللبنانية فوق كل اعتبار».

فؤاد أبو زيد - "الديار" - 14 آب 2017

إرسال تعليق

 
Top