ينظر رئيس مجلس النواب نبيه بري الى واقع الحال بكثير من القرف والاحباط بعدما تخطت الحالة السياسية الخطوط الحمر في التدهور والانحدار حيث قانون الانتخاب العتيد لا يزال في ظهر الغيب وسط حالة من الدلع السياسي عزّ نظيرها في وقت ان الساحة المحلية بحاجة ملحة الى بدائل تعيد انتاج طبقة سياسية جديدة لكي لا يتحول مجلس النواب الى ديناصورات تعيد البلد الى العصور الحجرية وغير قابلة للانقراض، لذلك يفضل بري الاعتصام بحبل الصمت وفي فمه ماء كثير وان الوقت لم يحن «لبق البحصة» ولكنه قد يفعلها اذا اقتضت الضرورات التي تبيح المحظورات وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
واذا كان «ابو مصطفى» من المتحمسين لقانون النسبية وهوالعارف بأن اللجوء الى اعتماد اي قانون ووفق اي اساس سواء المختلط او الستين الذي بات ملعونا الا من حليفه النائب وليد جنبلاط او لبنان دائرة واحدة فان الثنائية الشيعية الممثلة بـ«أمل» و«حزب الله» لن تتأثر بالنتائج الانتخابية، عكس الآخرين من اللاعبين على مربعات رقعة الشطرنج الطائفية، لذلك يسعى الى اختلاق مخارج تريح حلفاءه وبالاخص جنبلاط و«تيار المردة»، فهو ينتظر ذكرى استشهاد كمال جنبلاط ليقرأ في خطاب «ابو تيمور» المرتقب الرموز والثوريات ليبني على الشيء مقتضاه، حيث علاقة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي مع العهد العوني ليست بأحسن أحوالها فهي أشبه بهدنة مؤقتة ولا يخفي حليفه جنبلاط انه قلق من حالة حصار لن يسمح بها بري كون سياسة العزل كانت السبب الاساسي في اندلاعة حروب العبث اللبنانية، فجنبلاط في خطابه المرتقب الاحد ما بعد القادم سيطلق مواقف عالية السقف الا انه لن يفتح النار على العهد على امل انتاج قانون الستين معدلاً كما يطالب بحيث ان القانون المرتقب يجب الا يميت الذئب والا يفني الغنم.
وتضيف الاوساط ان الخلاف الحاصل حول قانون الانتخاب وفق رؤية بري هو نتيجة التحضير للمعركة الرئاسية المقبلة في نهاية عهد الرئيس العماد ميشال عون حيث لا يخفي اخصام وزير الخارجية طموحه لوراثة الكرسي الاولى، وان قطع الطريق عليه يبدأ اولاً واخيراً في عدم فوزه بمقعد نيابي في البترون، حيث سيعمل «تيار المردة» على حشد قواعده الشعبية وكذلك «الكتائب اللبنانية» لاسقاط باسيل في الانتخابات النيابية لا سيما وان النائب سليمان فرنجية مرشح اساسي للرئاسة القادمة، وما خسره في مواجهة عون سيحاول استعادته في الجولة القادمة على قاعدة ان الحرب مجموعة جولات، علماً ان المرشح الاقوى لخلافة عون رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ودخوله الى احتفال «البيال» في ذكرى استشهاد الحريري شابكاً يده بيد الرئيس سعد الحريري تختصر المشهد الرئاسي بعد نهاية العهد.
وتشير الاوساط الى ان العلاقة بين «تيارالمردة» والعهد العوني شبيهة بعلاقة جنبلاط به، الا انها اكثر جليدية حيث الطريق بين بنشعي وبعبدا مروراً بالرابية غير سالكة حتى للسيارات المجهزة بسلاسل معدنية او رباعية الدفع، وبرز ذلك في اكثر من محطة بدءاً بتشكيل الحكومة حيث تخلى بري عن حقيبة الاشغال منعاً لكسر حليفه فرنجية وصولاً الى موقف الوزير يوسف فنيانوس اثر التعيينات الامنية في الجلسة الاخيرة والتي كشف فيها انهم كانوا كتيار آخر من يعلم، اضافة الى ابتعاد النائب اميل رحمة حيث تفيد المعلومات ان فرنجية تمنى امام بعض المعنيين عن المقعد الماروني في دير الاحمر تبني ترشيح النائب السابق نادر سكر لاشغال المقعد.
اسكندر شاهين - "الديار" - 12 آذار 2017
إرسال تعليق