التحالف الذي نشأ إبان معركة رئاسة الجمهورية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية كان من أبرز وأهم مفاجآت هذه المعركة محدثا تحولا في مسارها باتجاه ترجيح كفة العماد ميشال عون وضرب فرص وحظوظ النائب سليمان فرنجية. هذا التحالف على أساس ورقة إعلان النوايا شكل مع رئاسة الجمهورية وبعدها نقطة تحول أيضا في المسار الداخلي.
باختصار فإنه بعد ظهور الثنائية المسيحية لم تعد الثنائية الشيعية ـ السنية (حزب الله + بري/ المستقبل) متحكمة بالقرارات ومجريات الأمور، ولم تعد اللعبة محصورة في اللاعبين السني والشيعي وإنما أضيف «اللاعب المسيحي» الذي كان جالسا في المقاعد الخلفية وموزعا بين اللاعبين الأساسيين وتابعا لهما، وبات يجلس على الطاولة المثلثة الأضلاع.
كثيرون فوجئوا بتحقيق مصالحة سياسية شاملة ونهائية بين أكبر حزبين مسيحيين «لدودين» وحصول ما حصل في معركة رئاسة الجمهورية، وكثيرون فوجئوا بعد الرئاسة أن مفاعيل «اتفاق معراب» لا تقف عند هذا الحد وإنما تمتد الى ما بعد الرئاسة والحكومة، وستنسحب على استحقاق الانتخابات النيابية في ظل التقاء الطرفين واتفاقهما على:
٭ عدم العودة بالعلاقة الى الوراء، لأن ذلك يعني حكما عودة الوضع المسيحي الى الوراء، الى مرحلة الإحباط والضعف. وهذا ما يفسر التأييد المسيحي العارم لاتفاق معراب لأنه فتح الوضع المسيحي على أفق جديد وواعد، ولكنه تأييد مشروط بعدم تحول هذه الثنائية الى قوة احتكار وإلغاء للتعددية السياسية والقوى الأخرى.
٭ ضرورة وأهمية التوصل الى قانون جديد للانتخاب لتحسين التمثيل المسيحي، بما يؤدي إلى تحقيق التوازن الوطني بشقيه السياسي والطائفي.
٭ ضرورة وأهمية خوض الانتخابات النيابية من موقع التحالف الثنائي وفي لوائح مشتركة لتحصيل كتلة نيابية مسيحية كبيرة من دونها لا مجال لتحقيق مشاركة فعلية في الحكم وللتأثير في القرارات الوطنية وفي الاستحقاقات الكبرى.
هذا التحالف المسيحي المستجد وغير المألوف أثار حفيظة وتوجس كل القوى السياسية الأخرى المتضررة منه بنسب متفاوتة بدءا من حزب الكتائب وتيار المردة والمسيحيين «المستقلين» الذين يخشون هيمنة في السياسة وفي الدولة و«تسونامي انتخابي» يطيح بهم، مرورا بالنائب وليد جنبلاط الذي فقد دور وصفة «بيضة القبان»، والرئيس نبيه بري الذي لم يعد الحلقة الأقوى في الحكم، وصولا الى اللاعبين الكبار، تيار المستقبل وحزب الله، اللذين يواجهان من الجهة المسيحية حركة مطلبية واستقلالية قرار وحركة، وبالتالي فإن كل القوى السياسية تقريبا لها مصلحة في عدم استمرار هذا التحالف المسيحي وفي بقائه تحالفا ظرفيا وعابرا.
وهذا ما يفسر حملة التشكيك الواسعة بثبات وديمومة «اتفاق القوات التيار» والمسارعة الى إبراز واستغلال تباينات وتناقضات ظهرت بين الحزبين في الفترة الأخيرة بشكل واضح وبوتيرة متسارعة، وكان أبرزها:
٭ عدم الاتفاق على قانون انتخاب بديل عن قانون الستين المرفوض. فالقوات متمسكة بـ «المختلط» والتيار متأرجح بين المختلط والنسبية.
٭ الخلاف في الموضوع الإقليمي نتيجة المواقف الصادرة عن الرئيس ميشال عون والداعمة لحزب الله في مسألتي الصراع مع إسرائيل والتدخل في سورية.
ورغم تفادي القوات الدخول في سجال مع رئيس الجمهورية، إلا أنه حصل رد غير مباشر عبر مواقف أو عبر إشارات سياسية كان أبرزها احتفال البيال في ذكرى 14 شباط ودخول الرئيس سعد الحريري ود.سمير جعجع معا يدا بيد الى القاعة في مشهد أوحى بنشوء «14 آذار بنسخة جديدة» وبتحريك وتفعيل تحالف سياسي كان «نائما» وأيقظته المتغيرات الإقليمية بعد وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض.
٭ الاحتكاك الكهربائي بعد إقدام القوات على تسجيل موقف اعتراضي في مشروع الموازنة يربط بين تصويت وزرائها على الموازنة وبين إشراك القطاع الخاص في كلفة إنتاج الكهرباء، مع العلم أن وزارة الطاقة في يد التيار الوطني الحر منذ سنوات.
٭ الخلاف الناشب حول التعيينات الإدارية والتي تشمل مراكز أساسية في الدولة ومجالس إدارتها ومؤسساتها. فالقوات اللبنانية التي تعود الى الدولة بعد طول انقطاع تطمح الى عودة واثقة وراسخة وتتصرف على أساس أنها شريكة في العهد الجديد.
هذه الخلافات التي يمكن أن تحدث في أي وقت مع أي تحالف كشفت عن خلل في آلية التنسيق بين قيادتي الحزبين ووزرائهما، وأيضا كشفت عن «تربص» سياسي بهذا التحالف وتحين الفرص لضربه وإضعافه أو إسقاطه.
ولكن التحالف برأي طرفيه، ثابت ومستمر والقيادتان مدركتان حجم المحاولات الجارية لفكفكته وتعملان على وضع التباينات الحاصلة في إطار تقني بحت، ويمكن لهذا التحالف أن يهتز ولكن من المؤكد أنه لا يسقط وأنه لا عودة الى الوراء.
باختصار فإنه بعد ظهور الثنائية المسيحية لم تعد الثنائية الشيعية ـ السنية (حزب الله + بري/ المستقبل) متحكمة بالقرارات ومجريات الأمور، ولم تعد اللعبة محصورة في اللاعبين السني والشيعي وإنما أضيف «اللاعب المسيحي» الذي كان جالسا في المقاعد الخلفية وموزعا بين اللاعبين الأساسيين وتابعا لهما، وبات يجلس على الطاولة المثلثة الأضلاع.
كثيرون فوجئوا بتحقيق مصالحة سياسية شاملة ونهائية بين أكبر حزبين مسيحيين «لدودين» وحصول ما حصل في معركة رئاسة الجمهورية، وكثيرون فوجئوا بعد الرئاسة أن مفاعيل «اتفاق معراب» لا تقف عند هذا الحد وإنما تمتد الى ما بعد الرئاسة والحكومة، وستنسحب على استحقاق الانتخابات النيابية في ظل التقاء الطرفين واتفاقهما على:
٭ عدم العودة بالعلاقة الى الوراء، لأن ذلك يعني حكما عودة الوضع المسيحي الى الوراء، الى مرحلة الإحباط والضعف. وهذا ما يفسر التأييد المسيحي العارم لاتفاق معراب لأنه فتح الوضع المسيحي على أفق جديد وواعد، ولكنه تأييد مشروط بعدم تحول هذه الثنائية الى قوة احتكار وإلغاء للتعددية السياسية والقوى الأخرى.
٭ ضرورة وأهمية التوصل الى قانون جديد للانتخاب لتحسين التمثيل المسيحي، بما يؤدي إلى تحقيق التوازن الوطني بشقيه السياسي والطائفي.
٭ ضرورة وأهمية خوض الانتخابات النيابية من موقع التحالف الثنائي وفي لوائح مشتركة لتحصيل كتلة نيابية مسيحية كبيرة من دونها لا مجال لتحقيق مشاركة فعلية في الحكم وللتأثير في القرارات الوطنية وفي الاستحقاقات الكبرى.
هذا التحالف المسيحي المستجد وغير المألوف أثار حفيظة وتوجس كل القوى السياسية الأخرى المتضررة منه بنسب متفاوتة بدءا من حزب الكتائب وتيار المردة والمسيحيين «المستقلين» الذين يخشون هيمنة في السياسة وفي الدولة و«تسونامي انتخابي» يطيح بهم، مرورا بالنائب وليد جنبلاط الذي فقد دور وصفة «بيضة القبان»، والرئيس نبيه بري الذي لم يعد الحلقة الأقوى في الحكم، وصولا الى اللاعبين الكبار، تيار المستقبل وحزب الله، اللذين يواجهان من الجهة المسيحية حركة مطلبية واستقلالية قرار وحركة، وبالتالي فإن كل القوى السياسية تقريبا لها مصلحة في عدم استمرار هذا التحالف المسيحي وفي بقائه تحالفا ظرفيا وعابرا.
وهذا ما يفسر حملة التشكيك الواسعة بثبات وديمومة «اتفاق القوات التيار» والمسارعة الى إبراز واستغلال تباينات وتناقضات ظهرت بين الحزبين في الفترة الأخيرة بشكل واضح وبوتيرة متسارعة، وكان أبرزها:
٭ عدم الاتفاق على قانون انتخاب بديل عن قانون الستين المرفوض. فالقوات متمسكة بـ «المختلط» والتيار متأرجح بين المختلط والنسبية.
٭ الخلاف في الموضوع الإقليمي نتيجة المواقف الصادرة عن الرئيس ميشال عون والداعمة لحزب الله في مسألتي الصراع مع إسرائيل والتدخل في سورية.
ورغم تفادي القوات الدخول في سجال مع رئيس الجمهورية، إلا أنه حصل رد غير مباشر عبر مواقف أو عبر إشارات سياسية كان أبرزها احتفال البيال في ذكرى 14 شباط ودخول الرئيس سعد الحريري ود.سمير جعجع معا يدا بيد الى القاعة في مشهد أوحى بنشوء «14 آذار بنسخة جديدة» وبتحريك وتفعيل تحالف سياسي كان «نائما» وأيقظته المتغيرات الإقليمية بعد وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض.
٭ الاحتكاك الكهربائي بعد إقدام القوات على تسجيل موقف اعتراضي في مشروع الموازنة يربط بين تصويت وزرائها على الموازنة وبين إشراك القطاع الخاص في كلفة إنتاج الكهرباء، مع العلم أن وزارة الطاقة في يد التيار الوطني الحر منذ سنوات.
٭ الخلاف الناشب حول التعيينات الإدارية والتي تشمل مراكز أساسية في الدولة ومجالس إدارتها ومؤسساتها. فالقوات اللبنانية التي تعود الى الدولة بعد طول انقطاع تطمح الى عودة واثقة وراسخة وتتصرف على أساس أنها شريكة في العهد الجديد.
هذه الخلافات التي يمكن أن تحدث في أي وقت مع أي تحالف كشفت عن خلل في آلية التنسيق بين قيادتي الحزبين ووزرائهما، وأيضا كشفت عن «تربص» سياسي بهذا التحالف وتحين الفرص لضربه وإضعافه أو إسقاطه.
ولكن التحالف برأي طرفيه، ثابت ومستمر والقيادتان مدركتان حجم المحاولات الجارية لفكفكته وتعملان على وضع التباينات الحاصلة في إطار تقني بحت، ويمكن لهذا التحالف أن يهتز ولكن من المؤكد أنه لا يسقط وأنه لا عودة الى الوراء.
"الأنباء الكويتية" - 7 آذار 2017
إرسال تعليق