كشفت أوساط نيابية مخضرمة، عن أسابيع ساخنة تنتظر العلاقات الخليجية ـ الإيرانية، وذلك على الرغم من الحراك الديبلوماسي الأخير بين العواصم السعودية والإيرانية والكويتية. ولاحظت أن هذا التوتّر يتصل بشكل غير مباشر بالمناخ المستجد بين طهران والإدارة الأميركية الجديدة منذ استلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه. وأعربت هذه الأوساط عن وجود ارتدادات لهذا الجو المأزوم على أكثر من ساحة عربية، ومن بينها الساحة اللبنانية، التي دخلت في مراوحة ملحوظة على صعيد البتّ في أي من العناوين الأساسية المطروحة، وفي مقدمها قانون الإنتخاب. وقالت أن أي اشتباك إقليمي سيؤدي حتماً إلى عملية خلط للأوراق في لبنان، مما ينذر بعودة التسوية السياسية الحالية إلى نقطة الصفر، وبشكل خاص الإتفاق الذي تم بين فريق 8 و 14 آذار لطي صفحة الإنقسامات السابقة، والإنطلاق نحو عهد جديد من الإنتاجية في سياق روزنامة وطنية محلية تنأى بنفسها عن كل النيران المشتعلة في المنطقة.
ولم تخفِ الأوساط النيابية، والتي سبق أن واكبت التوتر الإقليمي في مراحل سابقة، أن عودة الحديث عن إمكانية حصول عدوان إسرائيلي على لبنان، من شأنه أن يفاقم المشكلات القائمة على المستويين السياسي والإقتصادي، عدا عن تهديده المباشر للإستحقاقات الدستورية. ومن هنا، بدأت الأنظار تتركّز حول مدلولات التسريبات الأخيرة عن عودة الأمور إلى المربع الأول في النقاش الدائر حول قانون الإنتخاب، والتي تؤشّر إلى أن القانون النافذ ما زال الأكثر حظاً فيما لو جرت الإنتخابات النيابية في موعدها الدستوري. وربطت الأوساط ما بين توسّع رقعة الخلاف حول قانون الإنتخاب واهتزاز قواعد التسوية السياسية، لافتة إلى أن الخلاف الداخلي، وبحسب مرجع سياسي، يتخطى شكل الدوائر الإنتخابية، وطبيعة القانون إلى التصعيد الحاصل في المنطقة، وإلى التبدّل الملحوظ في السياسة الخارجية الأميركية تجاه كل الأطراف العربية، وليس فقط تجاه إيران بشكل خاص. وقالت أن هذه السياسة تؤسّس لترتيب جديد في المنطقة برزت أولى مؤشّراته في تعثّر الإتفاق السياسي في سوريا.
وحرصت الأوساط المخضرمة، على التأكيد بأن هناك سقفاً للتسوية الداخلية ولا تستطيع أن تتجاوزه أي من الأطراف المحلية، على الرغم من إرادة التوافق القوية. وتحدّثت عن مرحلة صعبة تنتظر أكثر من ساحة في المنطقة نتيجة خطة اليمين المتطرّف في الغرب لوضع يده على الساحة العربية، لا سيما وأن مفتاح الحلّ ما زال في سوريا وحدها، وهو ما زال مفقوداً حتى الساعة. كذلك، وجدت أن سقوط مبدأ الدولتين في إسرائيل، ستكون له انعكاسات بالغة الخطورة على مجمل لوحة المنطقة على الصعيدين العربي، كما الإقليمي.
وكشفت أن لبنان يحتل حيّزاً أساسياً في المخطّط الغربي تجاه العواصم العربية، مشيرة إلى أن الزيارات السريعة لمسؤولين أميركيين إلى لبنان، تؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة تواكب الوضع اللبناني أكثر من الإدارة السابقة. ومن هذا المنطلق، توقّعت حصول تبدّل في الأولويات في أكثر من عنوان مطروح بين المكوّنات اللبنانية، إذ أن الجميع على تماس بالواقع المستجدّ في المحاور الإقليمية، ويدركون أن المواجهة الأميركية ـ الإيرانية السياسية والإعلامية حتى الساعة، تؤسّس لحروب ميدانية لن توفّر أي ساحة عربية. وحيال هذا الواقع، فإن الإنشغال بالتهديدات الإسرائيلية مع عودة إسرائيل للتحرّك في الأجواء اللبنانية، يفرض روزنامة داخلية مختلفة عن السابق، تقوم على وقف الصخب الإعلامي المرتبط بالنزاعات حول المكاسب والحصص السياسية، كما قالت الأوساط نفسها، التي شدّدت على أن النظرة الدولية والخليجية تجاه لبنان قد تبدّلت، وأن القيادات العربية والغربية تتفهّم الخصوصية اللبنانية المحلية، لكنها لن تتدخّل في أي ملف تعتبره شأناً داخلياً مهما تعاظم الخلاف وتعطّلت سبل التسويات، كما هي الحال الآن بالنسبة لقانوني الموازنة والإنتخاب.
هيام عيد - "الديار" - 25 شباط 2017
إرسال تعليق