0
في 22 شباط، توجه المؤمنون للمشاركة في مسيرة صلاة وتضرع مع السيدة نهاد شامي في دير القديس مارون -عنايا. شربل مخلوف لا يتخلّف عن الموعد، عن كل موعد. يستقبلنا دائماً في رحاب ديره ليستمع لنا ويعطينا فرصة للتضرع إلى الله من اجل راحة نفوسنا المتعبة .. نفوسنا التي تفتقد إلى السلام الداخلي.
 
لقد أوصانا القديس شربل في رسائله بألا نخضع للخطيئة "فهي لا تعطيكم إلا القلق والحزن والتعاسة والفراغ". لكننا ننجرف وراء الخطيئة في حياتنا اليومية، في كل دقيقة ينجح الشر في إبعادنا عن شغفنا اللامتناهي الى مخلصنا يسوع المسيح.
 
من هو جمهور الدير الذي أمّ اليوم الصلاة في الدير ومشى بإيمان وتقوى مسيرة صلاة بدأت من محبسة القديس شربل إلى دير عنايا؟ هم الشعب المقهور، الذي تحمّل الذين باعوه بثلاثين من الفضة. هم الذين يبحثون عن طريقهم... جاؤوا اليوم لينقلوا وجعهم في وجه كل من باع ضميره من اجل الجاه والمال ونسي إيمانه المطلق بيسوع المسيح.
 
من هو جمهور دير عنايا؟ هو كل واحد منا، كل واحد يبحث عن عدالة السماء وسط الظلمة الحالكة التي تحكم هذه الأرض. من هو جمهور الدير؟ هو الشعب الجائع والخائف من الغد، قوته الوحيد القربان المقدس والقداس الإلهي الذي هو المصدر الوحيد لشفاء القلوب والنفوس.
 
طبعاً، لن ترى أثرياء الحرب في لبنان يمشون مثلنا المسيرة من المحبسة إلى دير عنايا لأن المال هو ربّهم والجشع سلاحهم الوحيد. لكننا نحن أقوى منهم. يمكننا مقاربة حياتنا من خلال مشهد عاشه القديس شربل والذي إستطاع أن يشعل قنديل غرفته ليرى النور في الظلام الحالك رغم أن الرهبان عمدوا إلى وضع الماء بدلاً من المازوت في سراجه ليسخروا من الأب شربل مخلوف. نحن مثل شربل مخلوف سذج سنعمد إلى إضاءة السراج بالماء، حتى لو سخر منا البعض.
 
نحن أقرب إلى هيلانة، التي تنتظر خروج السيدة نهاد الشامي وزوجها من الصلاة، لتحمل الصليب بخشوع لافت وتسير معنا من المحبسة إلى دير عنايا. لا ينتهي المشوار إلا بالحديث مع الشامي وهي جالسة تحت أرزة على مقربة من كنيسة الدير. تجلس على كرسي وتستمع إلى مشكلات الناس - وما أكثرها - وهي تستظل بأرزة طبعت على علم لبنان "وطننا النهائي".
 
مار شربل، الذي صنع العجائب لكل موجوع مهما كانت طائفته، هو سفير بلد الأرز في كل العالم. شفى الكثيرين ووضع مكان الوجع والأمل حياة جديدة مفعمة بالقيامة. لا تنسوا ما أوصانا به وردّده في رسائله: "الإنسان إذا لم يتحوّل إلى محبّة، يموت".


روزيت فاضل - "النهار" - 
23 شباط 2017

إرسال تعليق

 
Top