لم يطفئ الإتفاق السريع في مخيّم عين الحلوة النار المشتعلة في شوارعه، والتي بقيت تحت الرماد بانتظار الجولة الثانية من التصعيد الأمني التي لم تخفِ مصادر فلسطينية داخل المخيّم إمكانية تجدّدها في ظل الإستعدادات الميدانية الجارية في كواليس المجموعات المسلّحة المتشدّدة التي تتّخذ من اللاجئين الفلسطينيين متراساً لها لتوجيه رسائل إقليمية ودولية.
فالإشتباكات التي سُجّلت على امتداد يوم الأحد الماضي في المخيّم، لم تكن تستهدف، كما كشفت المصادر الفلسطينية، زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كما أنها لم تحمل أية رسائل من قبل أي جانب فلسطيني في المخيّم إلى السلطة اللبنانية التي استقبلت الرئيس عباس، على الرغم من أن جزءاً من التصعيد يصبّ في إطار دقّ جرس الإنذار على الساحة الداخلية اللبنانية في لحظة إقليمية حرجة.
والموضوع الأهم في جولة التصعيد الفلسطينية ـ الفلسطينية، يتمثّل باستعمال مخيّم عين الحلوة مجدّداً كمنصة من قبل أطراف دولية، وكذلك إقليمية، وذلك بعدما شهد الميدان السوري تطوّرات متسارعة في حمص قبل ساعات من اندلاع الإشتباكات في مخيّم عين الحلوة. وتحدّثت معلومات، عن أن شبكات إرهابية تتمتّع بحرفية قتالية وتابعة لأجهزة مخابرات عربية، بدأت تتواجد في الأشهر الماضية في بعض مناطق المخيّم، مما يوحي بأن سيناريو هو في طور التحضير، ويرتدي طابعاً أمنياً مئة بالمئة، ولا يستهدف إلا الساحة اللبنانية، وإن كان مسرحه أزقّة عين الحلوة.
وأوضحت المعلومات أن السيناريو الأمني يركّز على توظيف المخيّمات في لبنان وليس فقط عين الحلوة، في سبيل توتير الساحة اللبنانية، وتحويلها مجدّداً إلى صندوق بريد دولي وإقليمي. وفي هذا الإطار، نقلت المعلومات عن مصدر نيابي جنوبي، أن الأوضاع الراهنة في مخيّم عين الحلوة، تشبه إلى حدّ كبير الأوضاع التي كانت سائدة في مخيّم نهر البارد قبل المعارك التي شهدها. وأكد أن الجهوزية القتالية الحالية داخل عين الحلوة، تتخطى من حيث الأسلحة وعدد المسلّحين الجهوزية التي كانت متواجدة في نهر البارد. ولذلك، أبدى المصدر خشيته من حصول أي تطوّر عسكري بين الفصائل الفلسطينية والمسلّحين، ويؤدي إلى جرّ السلطة اللبنانية للتدخّل لمواجهة التهديد الإرهابي كما حصل في محطات سابقة.
وقال المصدر النيابي نفسه، أن الرئيس عباس قد كشف للقيادات اللبنانية التي التقاها في زيارته الأخيرة إلى بيروت، أنه يتحرّك بقوة ويبذل أقصى الجهود لمنع تحويل مخيّم عين الحلوة إلى ساحة لتصفية الحسابات بين قوى إقليمية على الأرض اللبنانية. كذلك، فقد أعلن أمام الإعلام وفي اللقاءات الثنائية، أن السلطة الفلسطينية ترفض أي إشكالات من قبل أي طرف فلسطيني مع القيادة اللبنانية واللبنانيين الذين قدّموا الكثير من التضحيات وما زالوا في سبيل القضية الفلسطينية. وربط المصدر نفسه، بين ما دار من اتصالات على أعلى المستويات الفلسطينية طيلة يوم الأحد الماضي، وما بين الدور الذي أكد الرئيس عباس الحرص عليه، وهو البقاء في موقع الإعتدال، وضبط كل الإتجاهات المتشدّدة والإرهابية في ل مخيّمات لبنان، وبشكل خاص في مخيّم عين الحلوة.
وتحدّث المصدر المطّلع، عن جملة مقرّرات اتّخذت في الإجتماع الذي انعقد في سفارة فلسطين، بالتوازي مع لقاءات مكثّفة لفصائل حركة «فتح» في مخيّم عين الحلوة، اتفقت كلها على مواجهة أي تطوّرات أمنية محتملة في المرحلة المقبلة، حتى ولو احتاج الأمر التدخّل عسكرياً، وتنفيذ عمليات أمنية ضد المشبوهين والمخرّبين للإستقرار على الصعيدين الفلسطيني واللبناني. وفي هذا السياق، وضع المصدر نفسه، ما أعلنه العقيد منير المقدح عن جهوزية تامة لدى فصائل «فتح» للتدخّل إذا تطلّب الأمر أي إجراءات في مخيّم عين الحلوة كما في مخيّمات أخرى.
هيام عيد - "الديار" - 28 شباط 2017
إرسال تعليق