المشهد الاقليمي الضبابي ينعكس على الساحة اللبنانية وعلى المشهد السياسي في لبنان، وهذا ليس تحليلاً، بل تقارير وردت الى بعض السفارات تؤكد ان الاوضاع العامة في المنطقة حساسة جداً ويجب ان لا تنعكس بسلبياتها على الاستقرار، خصوصاً ان الجماعات التكفيرية، تحاول باستمرار ضرب استقرار الدول المحيطة بسوريا، خصوصاً ان الاجهزة الامنية اللبنانية تعمد بشكل يومي على توقيف افراد وشبكات ارهابية من كل الصنوف والتسميات، حتى امتلأت السجون اللبنانية بأمثال هؤلاء.
في خضم هذه الاجواء الديبلوماسية التي تشدد على الاستقرار ومتابعة حماية لبنان، عبر تعزير الحوار الداخلي مهما كانت الخلافات هناك بورصة شبه يومية لصيغة قانون الانتخاب، في حين ان معظم سفراء الدول المؤثرة في المنطقة شددوا امام الرؤساء والمسؤولين على ضرورة اجراء الانتخابات الا انهم وهنا الجديد في الامر، ان السفراء الذين زاروا هؤلاء المسؤولين متفهمين لأي تأجيل تقني لفترة قصيرة اذا اقتضت مصلحة القوى اللبنانية، لانجاز قانون انتخابي جديد يتوافق عليه الجميع.
هذه المعلومة تترافق مع «البورصة» في القانون، التي يتحدث عنها العديد من المتابعين، حتى بعض اعضاء اللجنة المختصة، الذين منذ اكثر من شهر وهم يؤكدون في مجالسهم الخاصة ان لا اتفاقات الى اليوم، ما يؤشر الى عرقلات مقصودة من اجل قانون يعتمد في طياته النسبية.
لكن الجديد في قوى 8 اذار اذا جاز التعبير، انهم يميلون الى قانون الرئيس نجيب ميقاتي، لكن بشرط ان لا يقصي احد من حلفائهم، وفي الطليعة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، اذ هناك محاولات لتجاوز فرنجية ومحاصرته في القانون الذي يطرحه البعض وهذا غير وارد عند كل من حزب الله والرئيس نبيه بري، وكل محور 8 اذار.
وهنا يقول احد المعنيين في البحث بالقانون، انه لا يمكن وضع بعض القوى، تحت وطأة اما العودة الى الستين او الفراغ في المجلس النيابي، او القبول بقانون يقصي الوزير سليمان فرنجية او طلال ارسلان او وئام وهاب او اي جهة من الحلفاء الآخرين، هذا امر غير وارد على الاطلاق، تحت اي ظرف او اي مسمى. وحزب الله وحركة امل، وتحالفاتهما لن يقبلا بهذه المحاولات، لذلك التهديد بالفراغ، لن يجعل القوى الاساسية في «8 اذار» ان تستعجل تحت عنوان المهل وانقضاء المهل.
بالطبع هذه المواقف يعلمها الجميع، فكما هناك نية للحفاظ على قوى محددة في البلد من اعتماد النسبية، وتفصيل دوائر انتخابية على اساسها، فإن قوى اخرى ايضاً هي تحت الرعاية، سواء كانت حاضرة في غرف الحوارات المغلقة او لم تكن حاضرة، اذ حلفائها متواجدين، وهم لن يقبلوا، بمحاصرتها تحت اي مسمى او تحت اي قانون. والتجربة الوزارية واضحة وهي كفيلة ان يكون اي قانون جديد يحفظ الجميع دون استثناء، بحيث لا يشعر اي طرف انه مستهدف.
الحديث الجدي اليوم، عن تأجيل للانتخابات، وان العديد من افراد تكتل الاصلاح والتغيير بدأوا يتحدثون عن تمديد تقني، بشكل واضح جداً، على ان يجري انجاز قانون انتخابي يمثل الحدود الدنيا من العدالة الانتخابية والتمثيلية لللبنانيين.
وهنا تؤكد مصادر الكتلة ان الرئيس ميشال عون يملك اصراراً على اصلاح الاوضاع السياسية والتي تبدأ بقانون الحد الادنى، مع علمه المسبق ان هذا القانون سيعيش لسنوات في لبنان كما سبقه من قوانين وهو متفق مع قوى اساسية، على ان هذا القانون يجب ان يكون قانوناً لا يستهدف اي فريق، لكنه يعطي كل ذي حق حقه. والنسبية تؤمن برأي رئيس الجمهورية العدالة وصولاً الى النسبية الكاملة، وهي باب للاصلاح السياسي، كون العماد عون يريد الاصلاح الشامل في البلاد الاجتماعي والاقتصادي والمالي والمؤسساتي.
ياسر الحريري - "الديار" - 24 شباط 2017
إرسال تعليق