ينتظر المتضررون من التوافق بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، اي حالة من الاختلاف بين الحزبين، ليقرعوا طبول الفرح، ويعلّقوا الاماني على قرب انهيار التفاهم بين القوات والتيار، وتبدأ وسائل الاعلام، حتى تلك التي تعتبر أنها معنيّة بهذا التفاهم، بفتح باب الاستصراح المعادي، إمّا على شاشات التلفزة، او هواء الاذاعات، او صفحات الصحف والمجلاّت، لتحلّل وفق رغباتها وما تتمنّاه، ان هذا الاتفاق مستحيل، لأنه بني على جملة تناقضات، لم تجد لها حلاً بين الحزبين، بما يعكس مدى الضيق الذي أصاب المتضررين من وضع نهاية لخصومة مدمّرة كانت قائمة بين القوات والتيار لحوالى 20 سنة، وقسمت البلدة الواحدة والعائلة الواحدة والبيت الواحد.
أول حالة لزرع الشقاق بين التيار والقوات، كانت بعد انتخاب العماد ميشال عون، رئيساً للجمهورية، ومسارعة البعض الى تهميش دور القوات اللبنانية في ايصال عون الى بعبدا، حاصراً الفضل بذلك الى حزب الله وحلفائه، وأخذ هذا الأمر جدلاً، وما يزال يثار بين الحين والآخر، لكن المهمّ ان النزاع لم يدخل بين الاخوة الحريصين على بعضهم بعضاً.
في حالة تشكيل الحكومة، حاولوا كثيراً ولم ينجحوا في فكفكة التحالف او اضعافه، وما اتفق عليه بين الحليفين، قبل انتخاب عون، بقي محترماً بعده.
منذ البدء في درس ومناقشة قانون جديد للانتخابات، بدأ المتضررون المصطادون في الماء العكرة، حملة مركّزة لخلق «خلاف» بين القوات والتيار، حول اشكال مشاريع القوانين المطروحة، وحول التفاهمات الانتخابية، ومَن هو المستفيد ومَن هو الخاسر، وأي مشروع يفيد القوات ويضرّ التيار، والعكس بالعكس، وابعدوا القوات عن اللجنة المولجة بدرس المشاريع، وتوقفوا عند رفض القوات للمشروع الأخير الذي اقترحه الوزير جبران باسيل، معتبرين ان الفرصة مؤاتية لدق الاسفين بين الاثنين، خصوصاً بعد تصريح الرئيس عون لفضائية مصرية حول نظرته الى سلاح حزب الله، ورفض الدكتور سمير جعجع اي سلاح على الساحة اللبنانية غير سلاح الجيش وقوى الأمن الاخرى.
على الرغم من ان رئيس حزب القوات اللبنانية، ونواب الحزب وقياداته، ووزرائه، أوضحوا في اكثر من مناسبة، عن مواقف الحزب التي لا تحمل تأويلاً او تفسيراً او تغييراً، وهي تقوم على التزام لا عودة عنه، لأنها تعبّر عن ثوابت منزلة، أهمها التمسّك بلبنان وطناً نهائياً سيداً حراً مستقلاً ديموقراطياً، ودولة تبسط شرعيتها وسيادتها على كامل التراب اللبناني بسلاحها وبقرارها الذي لا ينازعها فيه احد، وثانياً، الحرص على العيش المشترك والسلم الوطني مع جميع الشركاء في الوطن وخصوصاً في جبل لبنان، ضمن احترام الحقوق والواجبات، امّا ثالثاً، ومرة اخيرة، ان العلاقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، علاقة مصيرية، قد تختلف احياناً، لكنها ابداً لن توصل الى حدّ الخلاف والنزاع، وعلى جميع الذين ما زالوا ينظرون او يعتقدون ان حزب القوات اللبنانية ورئيسه، ليسا سوى حزب ورئيس عاديين، ان يستعيدوا مناسبة قريبة، بوفاة والدة الدكتور سمير جعجع، حين أثبت جعجع انه بشخصيته وصموده وثوابته واخلاقه وحزبه، هو ظاهرة حقيقية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، وهو زعيم محوري في الحياة السياسية والوطنية، يمكن الوثوق به والاتكال عليه، ولنا في سلوك وزرائه ونوابه وقياداته خير برهان على ذلك.
فؤاد أبو زيد - "الديار" - 22 شباط 2017
إرسال تعليق