«الساكت عن الحق شيطان أخرس»، لا يستطيع أحد الوقوف مكتوفاً وجاره يريد ابتلاع أرضه غصباً عنه. ورغم أننا في القرن الحادي والعشرين، لكنّ عقلية الإستئثار ما زالت مسيطرة.
تستمرّ قضية أراضي البطريركية المارونية المغتصبة في لاسا بالتفاعل. وبعدما أسف بعض الأهالي المسيحيين على تراخي البطريركية في هذا الموضوع، تبدي الأخيرة حدّية في موقفها، رافضةً التخلي عن شبر واحد من أراضيها، راسمةً خططاً مستقبلية هادفة لإنماء البلدة، وجعلها تنبض بالحياة.
لم تتأخر البطريركيّة في التحرّك، لذلك عقد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مع القيّم على أملاك الأبرشية البطريركية المارونية في لاسا الأب شمعون عون والمحامي اندريه باسيل إجتماعاً امس في الديمان للبحث في ملف أراضي لاسا.
ويؤكد عون لـ«الجمهورية» أنّ «بعد تعدّي الشيخ محمد العيتاوي على أرضنا ومنعنا من العمل بها، رفعنا هذه التفاصيل الى الراعي، الذي كان قد اتصل منذ 4 أيام بنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان عارضاً عليه حلّ المشكلة، وداعياً الى التكلم مع العيتاوي لوقف الاعتداءات على أرض الكنيسة».
البطريركية المارونية أبدت تعاوناً واضحاً، واضعةً خطواتٍ عملية من شأنها حلّ المشكلات المزمنة التي تتعرّض لها لاسا، ويقول عون إنّ «ملكيتنا ثابتة والتعدي واضح، لذلك ستطلب بكركي من قوى الأمن الداخلي والجيش القيام بواجباتهما في البلدة، وأن يساعدونا على حماية أراضينا، ومساندتنا لتحصيل حقوقنا المنتهَكة، كما ستتواصل مع وزيرَي الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والمال علي حسن خليل، للمطالبة بوضع نقطة للدرك في لاسا للحدّ من التعديات، ولإعطاء أمر لفرقة المساحة لتقوم بمسح نهائي، لأنه لا تزال هناك أراض غير ممسوحة، وعندها فليأخذ كلّ انسان حقه قانونياً».
وعلى صعيدٍ آخر، يطالب عون بـ»الاتصال «بحزب الله» وحركة «أمل» ليمونا على الشيخ العيتاوي والأهالي المسلمين المؤيّدين لهذين الحزبين ويطلبان التزام القانون».
تتغيّر نبرة عون لتصبح حادّة وغاضبة في آن واحد، عند سؤاله إذا كانت هذه الخطة المرسومة تجدي نفعاً عملياً، خصوصاً أنّ قضية لاسا ليست جديدة وتطوّراتها لا تبشر بالخير، فيقول: «بدّو يطلع بإيدنا... من هلأ لمليون سنة هل أرض إلنا مش إلن»، ولو كان عكس ذلك، لما كنا سكنّا فيها. صحيحٌ أنهم حاولوا منعنا من وضع الشقلات، لكننا نثق بالقانون الذي لن ينصفهم»، جازماً: «لن نرتدّ وسنستمرّ في الدفاع عن هذه الأرض والحفاظ عليها، وسنستثمرها وسنأجِّرها، ولو أنهم يحاولون تعطيلنا لن نيأس وسنكمل، متسلّحين بكلّ الوسائل الشرعية، وإذا اضطرينا الى وسائل غير شرعية، أي «على طريقتهم» بهدف الحفاظ على كلّ شبر من أرض الكنيسة، سنفعل ذلك».
يُبدي عون ثقة كبيرة في الاتصالات التي سيجريها الراعي، ويأمل أن يساعده المعنيّون من أجل تنفيذ القانون، مؤكّداً «استمراره في هذه القضية، ولن أدع أحدٌ يبتلع حقنا في الأرض».
للصبر حدود، هذا ما يؤكّده القيّم على أملاك الأبرشية البطريركية المارونية في لاسا، فلا سطوة السلاح ولا الأصوات العالية ستؤثر في عزيمته، وهو لم يعتدِ على أرض أو حق أحد، لكنه لن يقبل الذلّ رافضاً الخنوع والخضوع. من هنا ضرورة تحرّك المعنيين للاحتكام إلى القانون قبل أن «يبلغ السيل الزبى».
جنى جبور - "الجمهورية" - 10 آب 2016
إرسال تعليق