0
نحن وحدنا بين عالم الأرض، لا رئيس عندنا ولا قصور، بل معبد مهجور، تُـتلى فيه الصلاة عن روح الغائب.

ونحن وحدنا، لا عهد عندنا ولا وليّ عهد، العهد مخطوف على هويته الدستورية، وولي العهد إسمه مجلس وزراء وُلِدَ بالحرام الشرعي، وعندنا بسبب تعدّد الزوجات، أربعة وعشرون وليّاً وراثياً لوليّ العهد.

في بلدان العالم، المتطور منها والمتخلف، يـموت الملك فيعيش الملك، عندنا.. يرحل الملك فتموت المملكة وتستغرق الرعية بالحداد، وعبثاً يطلب فرعون من إقليدس أن يعلّمه الأصول الهندسية لأن الجواب: «ليس هناك طريق ملكي يؤدي الى الهندسة» عندنا ليس من طريق ملكي يؤدي الى الهندسة ، وليس من طريق هندسي يؤدي الى الملك.

نحن نحب التجمّد في التاريخ ونـنتصب كالأصنام أمام السرايا الحكومية تحت شعار: «لو دامت لك فما آلت إليك». وهي ما آلت وقد لا تدوم.
الجمهورية التي عندنا، كتب إسمها في الدستور كالجمهورية الرابعة التعيسة التي ورثتها فرنسا عن الحرب العالمية الثانية، فتقهقرت بسبب التنازع السياسي، وسقوط الوزارات، وانهيار الوضع الإقتصادي، وإضرابات العمال، وحرب الجزائر.

نحن ننتظر جمهورية شارل ديغول الخامسة لإلغاء الإمتيازات التي ربطت مصير فرنسا بحلف شمال الأطلسي، ومشروع مارشال، والمعاهدة الفرنسية الأميركية، والمحافظة على مكتسبات الثورة الفرنسية في الدستور.

نحن نفتش عن ديغول في الطائف وفي الدوحة وفي مجاهل العالم الثالث لاسترجاع الدولة الشاردة والجمهورية السائبة والرئاسة الشاغرة، لأننا مزَّقنا هويتنا الوطنية على أقدام التاريخ وأبواب السفارات.

وقديماً قرأ الشاعر طانيوس عبده أن اليونانيين القدامى كانوا يجدعون أنف المرأة الخائنة ويفقأون عين الرجل الخائن فكتب:

فلَوْ وصلتْ شرائعُهْم إلينا
على ما نحنُ فيه منْ مَجونِ
لأصبحتِ النساءُ بلا أنوفٍ
وأصبحتِ الرجالُ بلا عيونٍ.

جوزف الهاشم - الجمهورية 27\3\2015

إرسال تعليق

 
Top