0
رياض سلامة مهندس السياسة النقدية، ومخترع الحلول لكثير من المآزق المالية والإقتصادية، والمرشح الدائم مع كل إستحقاق رئاسي للرئاسة الأولى، نظراً لمواكبته الحروب والمشاكل والأزمات الإقتصادية، في أكثر من محطة وأكثر من مفصل أساس، ونجاحه في تمرير اكثر من قطوع مما ربط في كثير من الأحيان أسمه بإستقرار الليرة اللبنانية والسياسة النقدية، وعلى هذا الأساس، جدد له من قبل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد نيلها الثقة إبتداءً من 1- 8 - 2011 ولغاية ست سنوات، بما يعني أنه في حال كان التوافق على إسمه فهو ملزم بتقديم إستقالته طبقاً لنص المادة 49 من الدستور «ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزًا على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح. كما إنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الإدارات العامة وسائر الأشخاص المعنيين في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليًا عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد»، علماً أن هذه القاعدة خرقت عدة مرات، والمرة الأخيرة كانت لانتخاب الرئيس ميشال سليمان». 

يتمتّع الحاكم بأوسع الصلاحيات لإدارة المصرف العامة وتسيير أعماله ويعاونه أربعة نواب حاكم والمجلس المركزي، ويكلّف الحاكم بتطبيق قانون النقد والتسليف وقرارات المجلس المركزي.

وقد يكون رياض سلامة هو «الحاكم» الأفضل في هذه الظروف، فمنذ العام 1993 يدير بكل حنكة ودراية الأزمات المالية والمحطات الخطيرة التي رافقت وترافق كل إنعطافة سياسية كانت أو أمنية تحصل في البلاد، وأصبح إسم رياض سلامة في الداخل والخارج، موازٍ للثقة والاستقرار، وعليه مجرد الحديث عن صورة بديلة له في مركزه كانت تسبب جدلاً وسجالاً سياسياً، وهو رغم ذلك لم يتأثر، وبقيت سلامة الليرة اللبنانية وبقائها في مرتبة مرتفعة، همه الأكبر، وهو حاول حمايتها مستعيناً بخبرته طويلة الباع ، وكان لهندساته المالية المتميزة اليد الطولى في منع الإنهيار النقدي في أصعب الظروف التي عاشها لبنان، وجاء تسلمه لمنصبه في عام 1993 بعد مضاربات سياسية على الليرة، قبل ذلك كانت الحرب (1975- 1990) التي قضت على القدرة الشرائية لغالبية المقيمين في هذه البلاد، وهو الأمس كما اليوم، لا يزال على موقفه، وكان لكلمته التي ألقاها في جلسة اللجان المشتركة الأخيرة لدرس السلسلة والتحذيرات التي ساقها لنتائجها على الإستقرار النقدي، دون دراسة موضوعية للسلسلة وطرق التمويل، الأثر الكبير على مواقف النواب، لمعرفتهم بوجهة نظره الثاقبة في هذا المجال، وإبتعاده عن التسييس في قراءاته الإقتصادية.

وكانت إنطلاقته الأولى في عالم المال، بدأت بعد تخرجه من الجامعة الأميركية، حيث عقد رياض سلامة لقاء عمل مع مدير شركة (ميريل لانش المالية الأميركية) أصبح بعده مسؤولاً عن عملية شراء الأسهم وبيعها في المؤسسة، وثم أصبح مقصد رجال الأعمال العرب، وأشهر موظف في مؤسسة «ميريل لانش» خارج أميركا، حقق أعلى نسبة تداول في الأسهم. 

وعلى الرغم من اندلاع الحرب في لبنان العام 1975، استمر سلامة في عمله في بناية ستاركو، ومن ثم انتقلت مكاتب المؤسسة الى منطقة الحمرا - أوتيل كفالييه، وبعد ذلك الى الشانزيليزيه في باريس، وهو الحائز على عدة جوائز كأفضل وأكبر متداول للأسهم في العالم عدة مرات.

وبعد أن ذاع صيته، إتصل به محامي الرئيس الشهيد رفيق الحريري الخاص، باسيل يارد، وطلب منه توظيف بعض الأموال الخاصة بالحريري. وهكذا حصل، ومن ثم تعرّف اليه الرئيس الشهيد الحريري، وأحب تمرسه في العمل، لدرجة أنه عرض إسمه كحاكم لمصرف لبنان العام 1993، وكان بمثابة مستشاره المالي في كثير من الأزمات والملمات التي مرُ بها لبنان، جدد له لحاكمية مصرف لبنان ثلاث مرات بعد أن أثبت خلال 13 عاماً أنه رجل دولة لم يدخل في الأنفاق السياسية وزواريبها، ورغم الضعف الذي ضرب الاقتصاد الوطني، ومع إرتفاع حجم المديونية، حافظ سلامة على إستقرار الليرة وعلى سلامة البنية المصـرفية، وكان دائماً الرادع في وجه الكثير من التدابير المؤقتة أو الإستثنائية التي إتخذت في الكثير من الدول البعيدة والقريبة، كما وقف في وجه محاولات القضاء على هذا السند الأساسي للبلد، من خلال سلسلة إجراءات وقائية هو عرابها، وهو إنطلاقاً من هذا، حاز على لقب أفضل حاكم بنك مركزي في العالم من قبل «مجلة يورو موني» وسلّمته العام 1996 جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي عربي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان أصغر حاكم مصرف مركزي على الإطلاق، ثم في العام 2003 في دبي والعام 2006 كأفضل حاكم في العالم وتسلم الجائزة في سنغافورة.

ويبقـى القول، إن همّ رياض سلامة اليوم حماية الليرة اللبنانية حسب ما ينقل عنه الجميع ، وهو لن يتراجع عن هذا الهدف لأنه مؤمن بمستقبل لبنان، وهناك من يقول «أن الرئيس الذي إستطاع حماية الليرة اللبنانية وإبعادها عن الإنزلاقات، قادر على حماية البلد بكل مكوناته.

وفي سيرته الذاتية: ولد رياض سلامة من أب إسمه توفيق سلامة إبن عائلة عريقة من انطلياس هاجرت الى ليبيريا في أفريقيا، وأسست متاجر كبرى، والدته السيدة رينيه رومانس سلامة، التي اشتهرت بأعمالها الخيرية والاجتماعية، وكانت عضواً فاعلاً في الصليب الأحمر اللبناني، وقتلت العام 1982. ولد رياض سلامة في أنطلياس العام 1950 في عائلة مؤلفة من ثلاثة أولاد، منى (زوجة جو عيسى الخوري)، رمزي (رسام وروائي) ورجا (رجل أعمال).

تربى في منزل جده في أنطلياس، وأشرفت على دروسه أخت والدته السيدة لورا تابت زوجة رجل الأعمال السيد فؤاد تابت، لأن والديه كانا مغتربين في ليبيريا ولم يعودا إلا عندما أصبح في الثامنة عشرة من عمره. وبالتالي فقد أمضى طفولته ومطلع شبابه بعيداً عنهما.

تملكه حلم التفوق في المباريات الرياضية، وتلقى علومه في مدرسة الجمهور، ومن ثم التحق بالجامعة الأميركية في بيروت وحاز إجازة في إدارة الأعمال، حيث التقى بندى كرم وتزوج منها وهي كاتبة ولها مؤلفات، وله منها أربعة أولاد: إبنه نادي، وبناته نور ، رنا وريم.

تأثر رياض سلامة بوالده الذي كان يتمتع بالعقلانية، ويلتزم بشعاره «الحياة صعبة، والنجاح لا يأتي إلا بعد الجهد والمثابرة».

- ولعل سلامة من أكثر من حاز على جوائز تكريمية في تاريخه العملي نظراً لإنجازاته على الساحة المصرفية بشكل خاص والإقتصادية بشكل عام: «منظمة مصرفيون من أجل مستقبل أفضل» مركزها فرنكفورت - ألمانيا، قدمت له جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي للعام 2004، وقد إختارته من بين 20 حاكم مصرف مركزي في العالم، كما حاز عدة جوائز كأفضل متداول للأسهم في العالم، ومنح من قبل جمعية المصرفيين العرب في شمال أميركا جائزتها السنوية لسنة 2007، تقديراً منها لأدائه المميز على رأس الحاكمية منذ تعيينه العام 1993.

17/4/2014 هنادي السمرا - اللواء

إرسال تعليق

 
Top