0
حالياً، يبدو الفراغ الرئاسي سيّد الاحتمالات رغم تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري الثالث والعشرين من الجاري موعدا لاول جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية. فما زالت قوى 14 و8 اذار، قبل خمسة اسابيع على انتهاء الولاية الرئاسية، متمسكة بانتخاب شخصية تمثلها، في ظل غموض اقليمي لم يسمح حتى الآن برسم معالم شخصية وفاقية تحول دون رفع اي مكون رئيسي بطاقة حمراء في وجه وصولها.

فكون ابرز المرشحين حتى الآن هما اكبر زعيمين مسيحيين، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «التيار الوطني الحر»، يعني ان لا احد منهما يمكنه ان يفوز من الدورة الاولى، حيث يتطابق نصاب الثلثين مع عدد الاصوات الضرورية للفوز. كما ان صفقة التسويات التي قد تتبلور في الجلسات اللاحقة حيث يصبح الفوز اسهل اذ يتطلب الاكثرية المطلقة، لكنه فعلياً يتطلب حدا ادنى من التوافق الاقليمي كما بشأن الحكومة.

وتتقاطع اسئلة، من مصادر سياسية متنوعة، حول ما اذا كان المجتمع الدولي يرى ان الاستحقاق الرئاسي ضروري فعليا للحفاظ على استقرار البلاد، وهي الاسئلة التي تستمد مشروعيتها من غياب اية قوة دفع فعلية حتى الآن، سواء أكانت اقليمية ام محلية. هذا الاستقرار الذي شكل الهمّ الرئيسي الذي سمح بتظهير شبه توافق دولي واقليمي سمح بقيام الحكومة حفاظا على امن واستقرار البلاد. ويلفت ديبلوماسي اجنبي فاعل الى حجم الجهود والضغوط التي ادت الى انجاز الحكومة. ويرى ان آلية الضغوط الغربية التي لاقت تجاوبا اقليميا، سمح بتنفيذ محلي من اهم المؤشرات على احتمال الفراغ في سدة الرئاسة لمدة لن تقل عن بضعة اشهر، لذا اقتضت الضرورة حكومة فاعلة لا حكومة تصريف اعمال تثير جدلا دستوريا واسعا حول كونها مؤهلة او غير مؤهلة لتسلم الصلاحيات الرئاسية.

ومن المؤشرات ايضاً هذا الكمّ من الملفات المعيشية الذي تدحرج الى الشارع بسحر ساحر. اذ لم تمض اسابيع قليلة على تسلم الحكومة مهامها ونجاحها في فرض تحسن الامن شمالا وشرقا، حتى اتحف مجلس النواب البلاد بالتصديق على مشاريع قوانين خلافية ادت الى انطلاق تحركات مطلبية في الشارع مؤهلة للتصاعد بما يثير ضبابا كثيفا يدفع طبيعيا الى الوراء بهموم الاستحقاق الرئاسي.

فمن كرة نار سلسلة الرتب والرواتب التي تخلصت منها الحكومة السابقة برئاسة نجيب ميقاتي، ورمتها الى المجلس النيابي ضمن مشروع قانون رفع عتب، يجمع الاقتصاديون على ان تطبيقه يقود البلاد الى الخراب، الى قانون الايجارات القديمة الذي حسم في هذا التوقيت بالذات، رغم مرور اكثر من عشر سنوات على وجوده في ادراج البرلمان. ذلك كله ادى الى تحركات في الشارع، التي وان لم تتخذ بعد زخما كبيرا، ستهدد في حال تطورها انجازات الحكومة على صعيد الامن. فالبلاد ستواجه بعد اشهر قليلة انتخابات نيابية لم ينجز قانونها بعد، لكن مناخها يتطلب اجواء شعبوية لحصد الاصوات.

كما يستبعد المصدر نفسه نجاح اي من الفريقين في ايصال مرشح صلب من صفوفهم، لذا سيكون فراغ في انتظار تبلور تفاهمات اقليمية يعمل الاميركيون جاهدين لانجازها. ويلفت الى ان الاميركيين تعهدوا لدول الخليج ضبط ايران عن «مدّ يدها« الى مجتمعاتهم، وهم يجهدون للتوصل الى حوار ايراني - سعودي، اذ يساعد في كل الاحوال على فرض الاستقرار في دول عديدة مجاورة لبؤرة الاستنزاف القائمة في سوريا والتي لا توحي بقرب التوصل في المدى المنظر الى رابح وخاسر.

17/4/2014 ربى كبّارة - المستقبل

إرسال تعليق

 
Top